السعودية.. اجتثوا هذه الطغمة

TT

الحمد لله الذي لطف بالسعودية يوم كتب النجاة لمساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف من يد الغدر الإرهابي الذي استهدفه أول من أمس في عملية انتحارية وقعت كالزلزال على السعودية، والسعوديين.

وعل هذه الحادثة الغادرة أن تكون نقطة تحول حقيقية على كافة المستويات، القيادة والعلماء والشعب، فيد الغدر امتدت لرجل يفخر به السعوديون، فهو لا يعرف الغدر، محترف كله نخوة، ولذا فيجب أن تجتث يد الغدر من جذورها، دون هوادة، أو تسويف. آن الأوان لأن يحارب الإرهاب من جذوره الفكرية، ومصدرها المساجد والتعليم، فالشعب السعودي شعب ديّن، ويجب أن لا يسمح بتضليله في أجواء خلافية لا فائدة منها غير التشويش الذي يستفيد منه الإرهابيون.

لا بد من اجتثاث جذور التطرف، وهذا أمر يتطلب عدم التساهل في الفتاوى، والافتئات على الله في كل صغيرة وكبيرة، حتى في شؤون دنيانا التفصيلية، أو الانتقاص من الوطن والوطنية، أو التذرع بحماية المجتمع؛ فالمجتمع مسؤولية الدولة لا المجتهدين، أو المتحمسين، أما الاعتراض على قرار للدولة، أو الاختلاف مع فكرة، أو فكر، أو كتاب، وخلافه، فهو أمر مشروع، بل هو مدعاة للقوة. لكن الاستسهال في التكفير، وهدر الدماء، واظهار القوة من خلال التعدي على هيبة الدولة، بأي شكل من الأشكال، فهو أمر لا يجب التسامح معه أو تبريره، فرغم كل مآسي الإرهاب، وما قامت به الدولة من جهد، فهناك من يكفر، ويهدر دم الناس، إما اعتراضا على كتاب، أو مسلسل، من دون رقيب أو حسيب.

القاء القبض على الشباب المنتمين لـ«القاعدة» ليس الحل، بل ليس نصفه، فالأهم هو تتبع المبررين، والمحرضين، والمتجرئين على الله، والدولة، بفتاوى تريد أن تغرق المجتمع في ظلام الجهل والتطرف.

استهداف الأمير محمد بن نايف يجب أن يعجل باستهداف الجذور، ومواجهتها، وإن كانت المواجهة صعبة. وهنا لا بد أن نلاحظ أن مخطط استهداف الأمير محمد جاء بعد أن أعلنت الداخلية السعودية عن اعتقال قائمة الـ44 أو قائمة الدكاترة، فمن الواضح أنه عندما شعرت «القاعدة» بحجم الضربة التي تلقتها في القلب، شرعت للانتقام من الرجل الذي يدير العملية الأمنية بكل اقتدار؛ فأهمية قائمة الدكاترة تكمن في أنهم كانوا يتولون دور المؤصل دينيا للتنظيم الإرهابي، كما أنها، أي القائمة، تشتمل على ممولين ماليين لـ«القاعدة»، وهم أشخاص استغلوا شخصياتهم الاعتبارية، وثقة المجتمع بهم لدعم «القاعدة».

ولذا فالمطلوب اليوم في السعودية ليس محاربة الدين، بل حمايته من هذه الفئة الخارجة على الدين وعلى كل شيء، والطريق الأمثل لتلك المواجهة الحتمية يبدأ من المسجد والمدرسة. فلا بد أن يحرم الإرهابيون من كل ذرة تعاطف، ولا بد أن يحصن المجتمع بالوعي والتثقيف الديني الداعي للتسامح، ولا بد من مراجعة شاملة، تبدأ بعمل إسلامي مشترك، وموحد، مفاده تحريم العمليات الانتحارية، في كل مكان، وأيا كانت الأسباب.

ولذا نقول اجتثوا هذه الطغمة الفاسدة بالحرب الفكرية، وابدأوا من الجذور، واحذروا المدعين، فقد ثبت فشلهم.

[email protected]