بعيدا عن السفارة السوفيتية!

TT

صحيح لماذا يحرص الرئيس السادات أن يكون بعيدا عن المكتب وأن يكون بعيدا عن بيته أيضا. فالبرنامج اليومي هكذا: صباح الخير يا ريس. اجلس يا أنيس. أجلس. ويسألني ماذا قرأت ومن قابلت وهل تحققت. وماذا قال وقالوا.. وما الذي ستكتبه غدا. فأقول فكرة والرئيس يقول سردا لأحداث ووقائع وعنده ذاكرة مغناطيسية للأرقام. فهو يرى الماضي كما يرى الخطوط في يديه. ويرى الحاضر ويتطلع إلى المستقبل بيقين وأمل وإصرار عجيب.

وبعد ذلك تكون الساعة قد اقتربت من الثانية بعد الظهر. يدخل البيت ويرتدي ملابس المشي، حذاء رياضي وبنطلون قصير. والعصا. وهو في مشيته يحكي حكايات وروايات وتجد السادات الظريف اللطيف الودود ابن البلد..

وسألته لماذا ينتقل بين ضواحي القاهرة ولا يبقى في بيته طويلا. فقال وكأنه لا يريد أن يكشف سرا.. ولكنه قال: أنت ترى أن السفارة السوفيتية على مسافة أمتار من البيت وأنهم قادرون عن طريق أشعة يسلطونها على زجاج النوافذ أن يلتقطوا كل ما يدور من كلام!

وقال لي: قم بهذه التجربة. افتح الراديو وأنت بالقرب من السفارة السوفيتية سوف تجد تسونامي من الضوضاء والشوشرة، إنها أشعة ضوئية مرتدة. ولا نعرف على من يسلطونها..

وقد تطورت هذه الأجهزة وصارت أوبتك سنسر أي استشعار بصري.. تستطيع أن تلتقط الأصوات من أربعين ميلا أي تقريبا المسافة بين جدة ومكة.. وذلك عن طريق ميكروفونات خفية تنقل الصوت إلى أجهزة مركزية وتحولها إلى أصوات ثم يحللونها.. وبعد ذلك يسجلون صوت المتآمرين والإرهابيين في القطارات والمطارات وعلى الحدود وحول حقول البترول..

ولو عرف السادات ذلك لجرجرني وراءه من القاهرة إلى أسوان كل يوم!