«ماكو» خلافات خليجية!

TT

«كمواطن خليجي أفتخر بأنه «ماكو» (لا يوجد) خلافات خليجية، وبس، واللي بيكتب غير هالكلام ما راح ننشر له». هذا ما قاله مسؤول إعلامي خليجي لمجموعة من العاملين معه من محررين وكتاب ومراسلين باجتماعه معهم قبل أيام.

حمدت الله وشكرته في هذا الشهر الفضيل على انعدام خلافات كبيرة بين دولنا الخليجية ـ وفقا لرأي هذا المسؤول، حيث تسير قافلتنا بكل ثقة ووضوح نحو تحقيق الوحدة الخليجية المنشودة، ونتعامل مع قد يطرأ من «سوء فهم» هنا أو هناك بكل شفافية ومكاشفة لتلافي تعقيد الأمور وتحولها إلى مشاكل وخلافات. لو كان بين دولنا مشاكل لأنشأنا محكمة خليجية تحكم في ما قد ينشب من خلاف، أو للجأنا لمحكمة العدل الدولية كما لجأت دولة قطر ومملكة البحرين لحل مشكلة فشت الديبل وجزر حوار قبل سنوات. فالدولتان ذهبتا للمحكمة الدولية وانصاعتا بشكل حضاري لقرارها بغض النظر عن رأيهما فيه.

رحت أبحث ـ كلغوي ـ في ثنايا معاني كلمة «خلاف» وأصلها وأقاربها من المتشابهات معنى ومشتقا، ولعل هذا نوع من الترف الفكري والتنطع اللغوي، فلا خلاف بعد اليوم «فأنا الخليجي، والخليج أهوا طريجي».

تعتبر كلمة خلاف في المصطلحات السياسية حديثة نسبيا وأصلها من خلف، والخلف عكس قدام، والخلف هي النسل، فيقال: «خير خلف لخير سلف»، كما أن الخَلْف هو الشائن من القول: فيقال إن فلانا سكت ألفا ونطق خلفا، أي سكت دهرا ونطق كفرا. والخَلِف هي الناقة الحامل ولا تزال دارجة بين مربي الإبل وإن كانوا يؤنثونها فيقولون «فلانا اشترى خَلفة».

أما الخلوف فهو البقايا، ففي الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، بمعنى روائح بقايا الأكل من فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك.

وفي حديث اللغة أن المخالفة المرورية هي كسر قانون المرور وهي عقوبة غالبا ما تكون غرامة مالية، وجمعها مُخالفات. والخلفة هي اختلاف الليل والنهار، كما أن الخِلفة عند البدو تعني المس، فيقال «فلان صابته خِلْفة» بمعنى أصابه مرض غامض. ويقول البدو: «فلان مختلف»، أي أنه أصابه نوع من الجنون المخالف للعقل والمنطق. والمُختلف مجلة تراثية وكذا اسم قناة فضائية تمور في الفضاء مثل خمسمائة وواحد وسبعين محطة عربية فقط لا غير.

والخلاف هو الشر أو المرض، فيقال بلهجة أهل الخليج: «عسى ما خلاف» ـ أي عسى ألا يكون قد أصابك مكروه.

وخَلَف اسم علم دارج بين العرب، ووردت صيغة الفعل المضارع «يخلف» كاسم علم في اسم الروائي الفلسطيني «يحيى يخلف»، ولعله الاسم العلم الوحيد لندرته.

والخليفة هو الوارث للحكم أو الخلافة، والخلف هم ورثة السلف كما ورد، أما الخوالف فهي النساء بقوله سبحانه وتعالى: «ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف» ولعل الخوالف بمعنى النساء مشتق من كونهن يبقين في الصفوف الخلفية وقت الحروب والغزوات في الماضي.

وفي الحديث الشريف أن من آيات المنافق أن «يخلف» بوعده، بمعنى أن ينكث بوعده، وعكسها أن «يصدق وعده».

والخلَف هو العوض، فيقال لمن أضاع شيئا: «الله يخلف عليك»، ويعادلها بالمصرية: «ربّنا يعوّض عليك»، ويستعملها الناس في العزاء: «الله يخلف عليكم» وخصوصا حين يكون المتوفى صغير السن. ويقال استهزاء بسطحية تفكير شخص ما: «الله يخلف على أمك»، بمعنى عسى الله أن يعوّضها ابنا خيرا منك.