لا توجد لحى بين العراق وسورية؟

TT

لا أفهم الإصرار العراقي على اتهام دمشق، والتصعيد ضدها دوليا، بعد تفجيرات بغداد الدامية، التي جاءت نتيجة اختراق أمني كبير، وعمل يفوق قدرات الجماعات الإرهابية، وخصوصا القول العراقي بأنهم لا يقبلون تسوية على غرار «بوس اللحى»، فكلا الطرفين حليقا اللحى. وبالنسبة للخلاف الدائر اليوم فجميع المعطيات تقول إنه من الجنون، والانتحار السياسي، أن تقدم دمشق على فعلة كتلك، أو السماح بانطلاقها من أراضيها، سواء من «القاعدة»، أو البعثيين.

فسورية تحاول ترتيب أوراقها السياسية، عربيا ودوليا، حيث قامت بخطوات في لبنان، قد يراها البعض قليلة، لكنها تنازلات، خصوصا لمن يتابع السياسة السورية. كما أن المعلومات المؤكدة تقول إن الخلاف كبير بين السوريين وحزب الله، رغم أن كلا من الطرفين يحافظ على شعرة معاوية، فالمشهد الإقليمي معقد، إذ لا يدري حزب الله عن مستقبل الأيام في إيران، كما أن طبخات سورية السياسية ما تزال نصف استواء.

كما لا يعقل أن تسمح دمشق للبعثيين بالتحرك من أراضيها الآن، خصوصا أن الأميركيين قد فتحوا قنوات تفاوض مع بعثيي العراق، من خلال تركيا الحليف المهم للسوريين الآن، فكيف يسمح السوريون للبعث العراقي اليوم بالقيام بأمر معقد وحساس مثل تفجيرات بغداد، إذ أن من شأن ذلك وضع دمشق في مأزق دولي خطير. وحتى وإن كانت المصلحة السورية تحتم عدم وجود نظام موال لإيران في بغداد، لأنها لا تريد أن تطوق من ناحية العراق ومن لبنان حيث حزب الله، فإن أي عمل تخريبي من ذلك المستوى يعد أمرا جنونيا.

ولذا فان التلويح العراقي بمحكمة دولية ضد دمشق على غرار محكمة الحريري يعد بمثابة إعلان حرب على سورية من قبل بغداد، خصوصا أن جميع المؤشرات تقول إن المستفيد من تفجيرات بغداد هم خصوم المالكي، الذين هم حلفاء إيران أيضا، وهنا يجب أن لا ننسى التحالف العراقي الشيعي الجديد.

فلو كان البعثيون قادرين على اختراق الأمن العراقي بالطريقة التي تمت بها تفجيرات بغداد لكان رئيس الوزراء العراقي في عداد الضحايا ومنذ زمن، ولذا فإن التصعيد العراقي اليوم ضد سورية يبدو وكأنه قرصة أذن لدمشق، وقد تكون من طهران، وإلا كيف تقبل إيران تصعيدا مثل هذا على حليفها السوري؟

المهم اليوم عربيا هو أن لا نجلس مجلس المتفرجين حيال ما يحدث ونقول دع السوريين يجنون ما زرعوا، فاستقرار سورية أكبر من الخلاف معها، لأن زعزعة دمشق ستكون أكبر، وأسوأ مما نحن عليه اليوم، فهي تعني خلق جغرافيا سيئة، حيث يشقنا نهر من الفوضى يجري من إيران مرورا بالعراق، ثم سورية، ويستقر في لبنان، ناهيك عن أن أبرز المنتظرين على ضفاف نهر الشؤم هم حلفاء طهران في المنطقة من الإخوان المسلمين الذين يتحينون اللحظة المناسبة ضد دمشق، ولو عن طريق إيران.

مطلوب وقف العنف بالعراق، ومطلوب الاستقرار في لبنان، وعدم التدخل السوري، لكن على العراقيين أن يعوا أن حل مشاكلهم هو بأيديهم هم لا بأيدي جيرانهم العرب.

[email protected]