جثة في الطريق إلى البيت الأبيض

TT

كان الراحل إدوارد كنيدي يمثل حلم أسرته، التي جمعت بين المجد والفواجع، في الوصول مرة أخرى إلى البيت الابيض، ولم يكن لأحد أن يحول بين هذه الأسرة وحلمها، لولا جثة غريقة، وجدت ذات ليلة من عام 1969 أسفل جسر في إحدى الجزر، تبين لاحقا أن صاحبتها كانت برفقة إدوارد كنيدي، حينما سقطت سيارته من فوق الجسر إلى داخل الماء، وتمكن هو من إنقاذ نفسه، ومغادرة المكان دون أن يبلغ عن الحادثة.

ورغم اعترافه بالخطأ، ورغم الحكم عليه بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ، إلا أن صورة إدوارد ارتبطت في أذهان الكثير من الأميركيين بصورة الرجل الذي افتقر إلى الشجاعة في إنقاذ الفتاة، أو التبليغ عنها، على احتمال إمكانية إسعافها، وهو الأمر الذي استشعره إدوارد، وأحزنه، وأحبطه، فامتنع عن الترشح للرئاسة لأكثر من 10 سنوات، وحينما قرر خوضها عام 1980 داخل الحزب الديموقراطي أمام جيمي كارتر، كان الوقت متأخرا جدا فمني بالهزيمة.

ولو سلم إدوارد من هذه الحادثة لما استطاع منافس أن يحول بينه وبين البيت الأبيض، فلقد أكسبته فاجعتا أخويه جون وروبرت عاطفة الشعب الأميركي، باعتباره الأخ الوحيد المتبقي من هذه الأسرة المنكوبة، التي أحبها الأميركيون، ومنحوها قدرا كبيرا من احترامهم، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي «سفن السيناتور»، فطفا غرق السكرتيرة على سطح الشائعات، وأطفأ شعلة حلمه إلى الأبد، واكتفى إدوارد بلعب دور بارز وكبير ومميز في مجلس الشيوخ.

فهل يوقظ الموت الذي خطف إدوارد ـ آخر الطبقة الأولى من أسرة كنيدي ـ أحلام الجيل الثاني، رغم ما يقال بأن موت إدوارد يمثل الصفحة الأخيرة في طموحات الأسرة؟ واستنادا إلى علم النفس يمكن القول: إن إرث الأسرة من المجد قد يخلق دافعية لدى بعض أفرادها للاشتغال بالسياسة، وإيقاد شعلة الحلم من جديد، وهذا «البعض» قد يتمثل في كارولين، ابنة الرئيس جون كنيدي، وهي باحثة ومؤلفة ومتخصصة في القانون، ولم تنف قط طموحاتها السياسية، حتى أنها حينما سئلت من قبل إحدى المجلات قبل أعوام، إن كان في نيتها خوض الانتخابات يوما ما، أجابت: «إنه أمر غير مستبعد»، ومن هذا البعض أيضا جوزيف ـ الابن الأكبر لروبرت كنيدي ـ وهو الاسم الذي يرشحه الكثيرون داخل أسرة كنيدي لزعامة الأسرة، وهو الأقرب إلى أن تستقطبه السياسة بحكم حضوره الاجتماعي المكثف منذ سنوات.

الأميركيون يتندرون حبا بنعت آل كنيدي بـ «الأسرة الملكية الأميركية»، ولا أعتقد أنهم بموت إدوارد سيضيفون كلمة «سابقا».

[email protected]