حتى النهاية

TT

السعــودية تعاملت بحكمة وعقلانية وهدوء شديد مع حادث مهم وخطير وهو محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية فيها. فبعد أقل من ثلاث ساعات من حصول الحادثة ظهر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مع الأمير المصاب في مشهد تلفزيوني وفي حوار بينهما يوضح ملابسات الحادث بشكل شفاف وسريع غير مسبوق، وكان صدر قبلها بلحظات بيان رسمي من الديوان الملكي يفصل ما حدث. ولكن الأهم والشيء اللافت هو استمرار سير الحياة بوتيرتها الطبيعية جدا دون أي مشاهد للمبالغات الأمنية أو الارتباك والقلق، وهذا في حد ذاته كان رسالة موجهة للقطيع الإرهابي الذي كان وراء المحاولة الفاشلة. فالمجلس الأميري استمر مفتوحا واستمر هو شخصيا في استقبال المهنئين والمباركين، وكذلك استمر كبار المسؤولين في ممارسة حياتهم بشكل عادي وعدم تغيير أي من التزاماتهم أو تعديل في جداولهم. وبدأت معلومات ضافية ودقيقة تعلن عن تفاصيل الجريمة والمجرم الذي نفذها وخلفياته وطريقة تنفيذه والخط الذي سلكه من اليمن حتى لقي حتفه غير مأسوف عليه.

حسنا فعلت السلطات السعودية بما أقدمت عليه في أسلوبها في التعاطي مع الجريمة وتغليب العقل والمنطق والحكمة على الانفعال والتوتر، وإذا كان ما قيل صحيحا في حق الجريمة وتبعاتها إلا أن هناك حديثا آخر يستحق القول في هذا الموقف الكبير وهو أن ما حدث يستدعي لم الشمل ومعرفة تحديدا من يقف في صفوف من. الحرب على الإرهاب هي مسألة تعني مصير ومستقبل واستقرار وطن بأكمله وبالتالي الذين لا يزالون واقفين «بين البينين» واختاروا الجلوس على السور دون أخذ موقف واضح لا يحتمل التأويل هم أيضا بذات درجة الخطورة لأنهم يوهمون الناس بأن الحرب على الإرهاب والتطرف تحتمل «المواقف الرمادية». السعودية دولة وحكومة وأفرادا مطالَبون بالحسم والفصل التام بين الشبه في المواقف وعدم تمييع الصورة بالكلمات الملطفة والمخففة للمعني الواضح الفج والقبيح.

محاولة اغتيال محمد بن نايف يجب أن تكون بمثابة مكالمة إيقاظ لتفهيم من لم يفهم بأن المهمة لم تنتهِ بعد وأن المعركة لم تُنجَز كلها حتى الآن. نعم هم تجرأوا ووصلوا إلى بيت مساعد وزير الداخلية ورأس الحربة الأول في الحرب على الإرهاب واستهدفوه شخصيا، ولكن الله لطف وأحبط فعلتهم الدنيئة وهذا يوضح لنا أنهم بلا رادع ولا دين ولا أخلاق ولا مراعاة لحرمات البيوت وقتل الأبرياء والشهر الرمضاني الذي نحن فيه.

إنها فئة باغية أمرنا الله تعالى بقتالها حتى تنتهي ويُقضى على الفساد الذي تبثه والسموم التي تلقيها. بعد أيام من نجاة الأمير محمد بن نايف من محاولة اغتياله ولا يزال الناس يحمدون الله تعالي ويحاولون معرفة الإجابة على السؤال المحير: كيف انقلب «هؤلاء» إلى وحوش بلا دين ولا أخلاق؟ والسؤال معروفة إجابته ولكن مواجهة الإجابة تسبب آلاما شديدة. فالعيب فينا وفي الكثير من السموم التي «سُمح» لها لسنوات طويلة أن تتوغل في عقول وقلوب الأبرياء حتى تحولت إلى رصاص غادر وقاتل. المعركة يجب أن تستمر حتى يتم القضاء على الفئة الباغية ومن معها.

[email protected]