إيران.. هل أصبح المرشد إصلاحيا؟

TT

تعهد المرشد الإيراني الأعلى لوالد الشاب المقتول تعذيبا في سجن إيراني، على خلفية الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الأخيرة، بتحقيق العدالة، ولو كان الفاعلون محسوبين على النظام. وقبل ذلك أعلن خامنئي أن قيادات الإصلاحيين ليسوا عملاء للغرب، وهذا ما ينسف المحاكمات المسرحية، ويخالف تصريحات أحمدي نجاد.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني عن تشكيل لجنة لمراقبة التحقيقات الجارية بشأن الاضطرابات بعد إعلان نجاد فوزه بالانتخابات الرئاسية، ناهيك عن إقالة عضو متشدد في فريق الادعاء كان قد لعب دورا رئيسيا في محاكمات الوجوه الإصلاحية.

فما الذي يحدث في إيران اليوم؟ هل تحول آية الله خامنئي إلى صف الإصلاحيين، أم أن الإصلاحيين باتوا يتحركون من داخل المؤسسات، أو أنها أجواء مصالحات في طهران، أم أن المرشد بدأ التحرك بعد أن أضاء له رفسنجاني مؤخرا ممرات بوابة النجاة من خلال التصريحات الإيجابية؟

بالتأكيد أن المرشد لم يصبح إصلاحيا، كما أن الإصلاحيين لم يتحركوا من داخل المؤسسات، بل إن كل ما يحدث في إيران اليوم هو مؤشر على إعياء شديد بدأ يظهر على جميع الخصوم هناك. فمعركة النُّخَب الحاكمة في إيران هي من المعارك الشاقة والطويلة، المنتصر فيها خاسر، كما أن التعادل فيها خسارة أيضا، فهي معركة استنزفت شرعية النظام، وأضعفته في عيون خصومه الخارجيين.

وعليه فإن ما يحدث في إيران اليوم هو مؤشر على إعياء ضرب الجميع، وقلق جراء ضغط عامل الوقت الذي يلاحق النظام الإيراني برمته، فلم تتضح معالم الحكومة الإيرانية، وإن شُكلت فإنها تأتي في ظل انقسام واضح مما يهدد فاعليتها، علاوة على أن هيبة نجاد السياسية، داخليا، قد مُسّت وأصابها ما أصابها.

أيضا هناك ضغط استحقاقات الملف النووي مع أوروبا، والأميركيين الذين ينتظرون ردا من طهران على المبادرات التي قدمتها لهم واشنطن أول العام، وبعد انتخاب أوباما مباشرة، ولا نعلم ما إذا كانت هناك قنوات خلفية مفتوحة بين الملالي والأميركيين الآن، ولذا يريد المرشد التحرك سريعا للتعامل معها.

وهذا ما قد يعيه الإصلاحيون جيدا، وخصوصا هاشمي رفسنجاني، ولذلك فإن الإصلاحيين يلعبون على عامل الوقت في معركتهم مع محافظي إيران، إذ يعلمون أن مصلحة المرشد الأعلى الآن هي إنهاء الخلافات الداخلية لخوض المعركة الخارجية.

ولذا فقد لا نكون أمام تسوية داخلية، بقدر ما أننا أمام محاولات للتسوية، والفرق كبير، وعليه فنحن مقبلون على مرحلة حساسة حول الحالة الإيرانية، ولا نملك إلا الأسئلة: فهل يترتب على خطوات التهدئة التي يقدم عليها خامنئي ضعف أكبر للولي الفقيه، حيث إن بعض النصر هزيمة؟ وهل يستمر نجاد رئيسا؟ وإذا استمر هل يستطيع استعادة هيبته الداخلية؟ وهل بمقدور طهران الاستمرار في إدارة الملفات الخارجية بالحدة والسرعة السابقة ذاتها، خصوصا في لبنان والعراق، والقضية الفلسطينية، والعلاقات مع سورية، وقبل كل هؤلاء مع الغرب؟

أسئلة مهمة تستحق التأمل لمعرفة ملامح قادم الأيام في منطقتنا.

[email protected]