اللهم اكتبها في ميزان حسناتي

TT

في هذا الشهر الفضيل أردت أن استغلها فرصة وأكثف من عباداتي علّ المولى عز وجل أن يزيح عن كاهلي بعضا من الذنـوب والخطايـا (المتلتلة) التي لا يـسلم منها أي إنسان.

وفعلاً أصبحت لا أقل عن أي حمامة من حمام الحرم، فكلامي كله أصبح همساً، وضحكي أصبح كله بـسماً، ودعواتي الصالحات أصبحت كلها مقتـصرة على المسلمين، أن يـقوي الله من شوكتـهم، ويـجعلهم حماة لبـيضة الديـن. غير أن المنحوس منحوس حتى لو علـقوا على رأسه ألف فـانـوس من فوانـيس الأطفال في رمضان، فلم يـتورع هذا النحسّ أن يـلاحقني حتى في هذا الشهر الفضيل، وإليكم ما حصل لي خلال أربـعة أيـام بـالتـتابـع.

فـأولاً: ذهبت إلى أحدهم لكي أبارك له بـدخول الشهر، وتـعمدت الجلوس بـجانب من تـوسمت فيه الصلاح، وأخذت أتـجاذب معه أطراف الحديث وورد بـيننا ذكر أحد الأشخاص المتوفى حديـثاً، فقلت: رحمه الله، ففوجئت بـالجالس بـجانـبي يـنتفض ويـقول لي: استـغفر ربك لقد بئـت بـإثـم عظيم، ففتحت فمي متـعجباً وقلت له: لماذا يـا رعاك الله؟!، فقال: هل أنت تـعلم الغيب حتى تـجزم أن الله قد رحمه؟!، استـعمل يـا أخي الفعل المضارع وقل: يـرحمه الله، وسوف أثـبت لك ذلك بـالدليل القاطع فـأعطني لو سمحت ما يـسمى (بـالفاكس) وحتى هذه التـسمية التي يـتشدق بـها البـعض من أمثالك غلط، وحري بـنا أن نـطلق عليه اسم (الناسوخ أو اللاقط أو البراق).

نـظرت إليه وكدت أن أرد عليه رداً (حونـشّياً) كعادتـي، غير أنـني تـذكرت أنـني في رمضان لهذا قلت له: اللهم إني صائـم.

وفي اليـوم الثاني ذهبت إلى المسجد لأصلي صلاة (التراويـح) ولم يـكن هناك غير ثـلاثـة صفوف وكنت في الصف الثـالث منها، وسمعت في السقف حركة غير طبـيعية، ورفعت رأسي وإذا هناك في النـجفة المعلّـقـة اثـنان من (البراصي) ذكر وأنـثى، وبـعضهم يـطلق عليه بـاللهجة الشعبـية أبو بـريـص، أو الوزغـة، أو الظاطور، ويـبدو أنـهما كانا في مرحلة التزاوج، ومن شدة الحركة والحماس اختل تـوازنـهما وسقطا جميعاً خلف الإمام تـماماً، فـأخذ الصف الأول يـموج ويـتحرك ذات اليـمين وذات الشمال وأرجلهم تـتقافز، فبـعضهم صرخ وبـعضهم ضحك وبـعضهم قطع صلاتـه وولى الأدبـار هاربـاً من شدة الخوف، وأصابـتني العدوى وكنت أول الهاربـين والخارجين من بـاب المسجد، الله لا يـعاقبـني.

وفي اليـوم الثـالث ذهبت مع أحدهم لأداء العمرة، ولم نـجد موقفاً للسيارة وأخذنا نـحوص ونـدور، وبـعد عناء وجدنـا لافـتـة مكتوبا عليها: فضلاً اتـجه إلى مواقف (مـحبـس الجن)، فـاتجه رفيـقي بـكل بـساطة إلى هناك، فيـما أنـا أحاول أن أثـنيه عن ذلك، لأنـني تـشاءمت من التـسمية، فضحك من تـطيري وجهلي وقال: إن ذلك المكان هو الذي قابل فيه الرسول عليه أزكى الصلوات الجن، وقد قال ابـن مسعود رضي الله عنه: إن الرسول عندما عاد إليـنا قال لنا: إنـي كنت مع إخوانكم جن نـصيبين، ونـصيبين هم من أهل اليـمن أو من أهل العراق.

وفي اليـوم الرابـع، أردت أن أسحب بـواسطة (الكردت كارد) مبلغ ثـلاثـمائـة ريال من جهاز الصرف، وشاهدت رتـلاً من السيارات مصطفة أمام مبـنى صغير أنـيق، فوقفت وراءهم، وعندما أتـى دوري وإذا بـي اكـتـشف أن ذلك المبـنى لم يـكن صرّافـاً، وإنـما هو مبـنى للتبرع (لجمعية خيرية) فـأسقط في يـدي وتـوقـفت مليـاً، وسولت لي نـفسي أن أذهب وأتـجاوزه غير أنـني خجلت، فما كان مني إلاّ أن أخرج من جيـبي عشرة ريـالات، وبـعد أن (فركتـها) جيداً قذفت بـها في الصندوق المـمتلئ بـالعملات من كل الفئـات إلى درجة أن عيـني (زغللت)، وكل ما أرجوه أن يـكتب الله العشرة ريـالات تلك في ميزان حسناتـي، وما ذلك على الله بـعزيـز.

[email protected]