إيران وإعادة ترتيب الأولويات

TT

هناك حذر في منطقتنا وترقب لما هو آت، سواء بالنسبة لإيران، أو العراق بعد الانسحاب الأميركي، وكذلك حيال الصراع الفلسطيني- الفلسطيني، وعملية السلام، أو بشأن ما يجري تجاه الأزمة السياسية المتصاعدة بين بغداد ودمشق.

من وجهات النظر التي سمعتها وجهة نظر تستحق التأمل، وإن كانت غير مكتملة الشواهد، في بعض جوانبها، تتلخص في أن إيران بدأت بإعادة ترتيب أولوياتها. فأولوية إيران الرئيسية الآن هي السيطرة على العراق كليا، والمؤشرات المالية تقول بذلك، فحزب الله ليس بأحسن حال ماديا الآن، وهو الذي كان يصرف على بعض الجهات السنية والمسيحية في لبنان، وكذلك انخفاض الدعم المالي لحماس. صحيح أن إيران تمر بأزمة داخلية، إلا أن إنفاقها في العراق ملموس، ويسير بوتيرة متسارعة، خصوصا مع الانسحاب الأميركي.

طهران لا تشعر بقلق من لبنان نظرا لقوة حزب الله، وهذا ما يفسر هدوء الحزب وانفتاحه على خصومه، فحزب الله بات أكثر هدوءا من السوريين، ومن ناحية أخرى فإن إيران لا تعول على دمشق قدر تعويلها على حزب الله، وبالتالي فإن خسارة دمشق مقابل السيطرة على العراق كليا، أو تحويله إلى مستعمرة إيرانية كما يقول بعض العراقيين، أمر أكثر نفعا ومنطقية للإيرانيين.

وهنا لا بد أن نتنبه إلى أمرين مهمين، الأول هو رد الفعل السوري الأولي على تصعيد حكومة المالكي حين عبر مصدر رسمي سوري وقتها عن أسفه أن تصبح العلاقات بين البلدين رهنا لخلافات داخلية وربما لأجندة خارجية، والإشارة لأجندة خارجية توجب التذكير بأن الحوار السوري- الأميركي متواصل، فمن هو الطرف الخارجي الذي يؤلب بغداد على دمشق؟ والأمر الآخر هو أن التصعيد ضد دمشق جعل سورية دولة عروبية، في أعين العراقيين الذين باتوا يرون في بشار الأسد حاميا لسنة العراق! ومن هنا يتضح، سياسيا، أنه لا يمكن الجمع بين دمشق وبغداد بالنسبة لإيران، أو حتى النظام السوري، فعواقب ذلك كبيرة على الأمن السوري.

وبالعودة إلى إيران فإنها بسيطرتها على العراق تصبح قادرة على اختراق الخليج العربي، وردعه، كما ستكون لدى إيران جبهة عسكرية على سورية، وإسرائيل، من خلال حزب الله، ناهيك عن نفوذ طهران في أفغانستان، وبذلك تكون إيران أكثر قربا من تحقيق أهدافها التوسعية في المنطقة، والتفاوضية مع أميركا، وبالتالي فإنها لن تكترث بأي تحول سوري سواء تحالفت دمشق مع السعودية ومصر، أو مع أميركا.

كما أن القراءة، وبعض المؤشرات، تقول إن إيران شرعت في لعبة الضربة الواحدة لمنطقتين تتماسان مع السوريين، فهناك تحرك إيراني تجاه حركة الجهاد الإسلامي، بحيث لو اندفعت حماس في عملية السلام، أو قررت الاستجابة للسوريين، سواء في المصالحة الفلسطينية، أو غيرها، فبمقدور طهران إضعافها في غزة من خلال التحالف مع الجهاد الإسلامي، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما تردد عن بعض الانشقاقات الأخيرة في صفوف حماس، خصوصا من حملوا السلاح مع حركة جند أنصار الله في رفح احتجاجا على حماس.

أعتقد أنها قراءة تستحق الاهتمام.

[email protected]