«القاعدة» وماهية التنظيم!

TT

إن محاولة الاغتيال التي تعرض لها مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، ونجاته منها بحمد الله ومنته، دلالة واضحة على أن المستهدف من هذه المحاولة، هي الدولة السعودية ممثلة في شخص الأمير. الدولة التي جعلت كتاب الله وسنة نبيه دستوراً لها، وتشرف بخدمة الحرمين الشريفين، ومساعدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فكيف لمن ينتمي إلى هذا الدين أن يجعل هذه الدولة هدفاً إرهابيا له؟.

لذا فتنظيم القاعدة وما يحمله من فكر إرهابي تدميري متطرف منسوب إلى الإسلام، يمثل لغزاً محيراً للكثير من الدارسين للتاريخ الإسلامي، والذي يجد فيه بعض الباحثين محطات من العنف والاقتتال، إلا أنها لم تصل إلى درجة الوحشية والعنف والدمار والخيانة لهذا الدين وأهله، الذي يمارسه التنظيم في حق المسلمين أنفسهم، ويُروجُ له أنه فكر إسلامي، مما يثير كثيرا من التساؤلات حول الجذور الفكرية لهذا التنظيم هل هي دينية؟ أم أيديولوجية سياسية؟

ففي كتابهم «إدارة التوحش» يقـدِّمون السياسي على الديني فيقولون: «ومن ذلك تعرف غلط من يطالب بالنص الشرعي الذي يدل على ما يقرره الأمير (قصدهم أمير الجماعة) من أمور السياسة التي هي من واجباته» كما نراهم يبينون في ذلك الكتاب «إن العمل السياسي مهم جداً وخطير حتى قال أحدهم إن خطأ سياسياً واحداً أوخم عاقبة من مائة خطأ عسكري» كما رسخ التنظيم الإرهاب الفردي فجعله أمراً مقدساً لخدمة تلك الأهداف السياسية، وأطلق عليه لقب الاستشهاد إمعاناً في التضليل. وأن ما يقوم به هؤلاء الشباب في عملياتهم الاستشهادية (الانتحارية) هي التي سوف تحقق التمكين والغلبة.

ويؤكدون ذلك في قولهم «عن رغبة الشباب المحمودة في الوصول إلى منزلة الشهادة في أقرب فرصة والتي ينبغي توجيهها في مصلحة العمل».

من هنا يمكن القول بأن العمليات الانتحارية هي إحدى الاستراتيجيات التي يستخدمها التنظيم لمصلحة العمل كما ذكروه، والمقصود بالعمل هنا العمل السياسي. ومن يشاهد بعض مراجعات الشباب التائب، الذين تم انتشالهم من براثن إرهاب القاعدة، يدرك بأن هؤلاء الشباب مغيبون تغييباً كاملا ًعن أهداف التنظيم السياسية. وأن من يناقش أو يسأل عن ماهية التنظيم وأهدافه، يتم القضاء عليه واستبعاده.

ففي كتابهم نجدهم يقولون «إن إمكانية ضم مليون من أمة المليار أسهل من ضمهم من شباب الحركة الإسلامية الملوث بشبهات مشايخ السوء، فشباب الأمة على ما فيهم من معاص أقرب للفطرة، وخبرات العقود السابقة أثبتت لنا ذلك». ومن هنا يتضح للقارئ، أن الشباب النابه المتحصن بالعقيدة الصحيحة، الذي يحرجهم بالحجج الشرعية، التي تكشف شبهاتهم هو الشباب الملوث في نظرهم، وبالتالي يستعصى تجنيده.

فهل يمكننا القول بأن القاعدة ليست منظمة إرهابية دينية كما تريد هي أن ينظر إليها؟ بل منظمة إرهابية سياسية جعلت الدين مطية لتحقيق أهدافها، من خلال عسف النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية للترويج لفكرها، وتجنيد أتباعها. وهل ما يمارسه قيادي القاعدة من حرفية في الإرهاب، وتجنيد الأتباع، وعمليات لوجستية معقدة بين الدول هو عمل أناس معزولين عن العالم ويعيشون في كهوف ومغارات؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟