سورية والعراق.. فرجة ببلاش!

TT

مع تصريح المصدر السوري الرفيع لصحيفتنا أول من أمس بأن بلاده لا تسلم المعارضة العراقية، ولو كانت تفعل ذلك من قبل لما كان السيد نوري المالكي رئيسا للوزراء اليوم، تكون العلاقات بين الجارين قد سارت في طريق صعب.

فرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كان واحدا من بين المعارضين العراقيين لنظام صدام حسين الذين أقاموا في سورية، ولم تسلمهم دمشق أيامها، ليس حبا بهم بالطبع، وإنما كرها بنظام صدام حسين. وكم كان المصدر السوري ذكيا وهو يحصر تصريحه حول عدم تسليم سورية للمعارضين المقيمين على أراضيها بالمعارضة العراقية، فلو عمم لجاز التذكير بما حدث للقائد الكردي عبد الله أوجلان!

إلا أن التصريح السوري يمثل مفارقة طريفة، لا بد من تسجيلها هنا، فإذا كانت دمشق تفخر بأنها لم تسلم معارضين عراقيين للعراق أيام صدام حسين، فلماذا تهاجم سورية الغرب، وتحديدا أميركا، على إسقاط نظام صدام حسين، وتقول في كل محفل إن من حق الشعوب المحتلة مقاومة الغزاة، ما دام أن قادة العراق الجديد ممن عاشوا وعارضوا، وخططوا لإسقاط نظام صدام من دمشق؟

لكن وبالعودة إلى ملف الأزمة العراقية ـ السورية فلا نعلم إذا كان من الجائز القول اليوم إنها قد ذهبت إلى نقطة اللاعودة، خصوصا أن كلا الطرفين بات يستخدم سياسة حافة الهاوية في التصريحات الإعلامية، أو تكون دمشق قد حسبت تصعيدها مع المالكي بطريقة ذكية، بمعنى أن المالكي ليس العراق، وبالتالي فإن حظوظه ضعيفة للفوز برئاسة ثانية لمجلس الوزراء العراقي بعد الانتخابات القادمة، خصوصا مع الانقسامات، والائتلافات الشيعية الأخيرة في بغداد، وبالتالي فإن خوض المعركة معه اليوم لا تعني أنها ستكون مستمرة، وقد يكون من السهل إصلاحها مع من يأتي بعده، وربما هذا سبب التصعيد السوري الكبير في الرد على كل تصريح عراقي.

وقد يكون الأمر نفسه أيضا منطبقا على الحسابات الإيرانية، إذ يبدو أن طهران سعيدة بما يحدث بين بغداد ودمشق، وربما يريد الإيرانيون إشغال سورية، أو قرص أذنها على الشقاوة السياسية الأخيرة من غزل مع الأميركيين، ومفاوضات مع الإسرائيليين، ناهيك عن بعض التحليلات التي قيلت خلف الأبواب المغلقة بعد نشوب أزمة النخب الحاكمة في إيران، وبالتالي فقد تكون حسابات طهران أن المالكي رجل في نهاية مرحلته السياسية، ويبحث عن طوق نجاة، ولذا فمن المناسب أن يخوض معركة تكسير عظام مع السوريين من أجل إشغالهم، وإنهاكهم.

أما عربيا فهناك خليط من الحيرة والشماتة، حيث يقول لي أحد المطلعين على خبايا كثير من الأمور في ملف الشرق الأوسط إن الكل يتفرج الآن، بمن فيهم الأميركيون، خصوصا أن هناك قناعة، حتى لدى الأميركيين، بأن السوريين قد بالغوا في غرورهم، وبالتالي دعهم ينقون شوكهم بأيديهم، كما يقال.

وعليه يبدو أن الأزمة العراقية ـ السورية قابلة للتصعيد أكثر، ويبدو أنه لا يوجد طرف في المنطقة، أو خارجها، حريص الآن على فض المعركة، فالجميع يفضل الفرجة، وخصوصا أنها ببلاش!

[email protected]