الخمر «الحلال»!

TT

تتداول بعض وسائل الإعلام خبر رجل الأعمال الألماني «تينر تاباك»، الذي تقول «إنه نجح في تصنيع خمر (حلال) يمكن أن يتناوله المسلمون»، وأن هناك اهتماماً بالمنتج في بعض الدول، ومنها دول خليجية، ويزعم الرجل الألماني أنه تمكن من إنتاج خمر «حلال» 100%، وحصل على شهادة بذلك من جمعية «مراقبة جودة الحلال»، حيث تأكدت ـ أي الجمعية ـ أن المنتج خالٍ من الكحول، ويشير إلى أن المسلمين الذين لا يستطيعون تناول الخمر بإمكانهم الآن تناول منتجه الخالي من الكحول، ويتضمن المنتج مختلف الأنواع الرئيسية الشهيرة من الخمور، فيصبح لدينا بعد البيرة الخالية من الكحول، ويسكي، وشمبانيا، ونبيذ «خالٍ من الكحول» أيضا، ولست أدري من أوهم ذلك الألماني أن المسلمين يشعرون بالحسرة والحرمان من عدم تناول الخمور، فأجهد نفسه من أجل سواد عيونهم ليخترع لهم خمرا «حلالا»، كما زعم.

وفي الواقع لا أعرف الكثير عن جمعية مراقبة الحلال التي منحت منتجه شهادة البراءة من الكحول، لكنني على يقين بأنها اهتمت بالجانب العلمي فقط، المتمثل في خلو المنتج من الكحول، ونسيت أو تناست الإشكالية التربوية التي تحدثها مثل هذه الأنواع والمسميات، حينما تشكل ترابطات شرطية نفسية، من شأنها أن تعزز مع الزمن تناول المشروبات الأصلية التي تحتوي على الكحول، وما زلت أذكر، ونحن صغار نوعا من الحلوى، لذيذة الطعم، على شكل سيجارة، انتشرت في أسواقنا قبل أن يتنبه التربويون لخطورتها، ووقف استيرادها لثقتهم بأنها يمكن أن تسهم في تشجيع الطفل على تجربة التدخين لاحقا.

وفي هذا العالم الذي يشهد حملات دولية لمحاربة المسكرات، باعتبارها المسبب الرئيسي في الكثير من الجرائم التي ترتكب تحت تأثير الكحول، خاصة أثناء قيادة المركبات، فضلا عن تعاظم نسبة المدمنين في الدول التي تجيز قوانينها صناعة الخمر، وبيعه، وتداوله، وما يجلبه الإدمان من مصاعب على المدمنين وأسرهم، إضافة إلى الأمراض المختلفة التي تكون الخمور مسببا رئيسيا لها، فإن المسلمين ليسوا بحاجة إلى الالتفاف حول منطقة الخطر بحجة خلو المنتج من الكحول، فـ«الباب الذي تأتيك منه الريح سده واستريح».

[email protected]