رأب الصدع الهائل

TT

عندما يفكر الناس في كارولينا الجنوبية، فإنهم يستدعون.. أعرف قناة «كوميدي سنترال» الكوميدية، ونظرا لاشتهار الولاية بإلقاء النكات فإنه يجب أن يخفض أجر كل من جون ستيوارت ومواطنه ستيفن كولبرت.

ولكن الناس لا يستدعون صورة جمهوري من أصول أفريقية، عندما تذكر جنوب كارولينا، وهو ما يمكن أن يتغير قريبا إذا ما استطاع الشاب مارفن روجرز أن يشق طريقه.

فهذا الرجل ذو الثلاثة والثلاثين عاما الذي يتحدث الإسبانية والمساعد السابق لنائب جنوب كارولينا بوب إنغلز لديه خطة للحزب الجمهوري: فهو يريده أن يغير لونه.

فحتى عام 2008، عندما خسر انتخابات مجلس النواب، كانت شهرة روجرز في أميركا اللاتينية ـ حيث كان يعمل كواعظ متجول لعدة سنوات ـ أكبر من شهرته في شمال أميركا. فقد فاز روجرز بحوالي 32% من الأصوات في معقل الديمقراطيين، حيث كان مرشحا جمهوريا أسود في عام أوباما. وكانت كل الأشياء على ما يرام. دعنا نقل إن قصة روجرز لم تكن قصة تقليدية؛ فقد ولد في مدينة بويلينغ سبرنغس في جنوب كاليفورنيا لأبوين من الطبقة العاملة يعتنقان قيما لا أيديولوجيات. «وبالتالي فقد انتقلت إلى حد كبير بين طرفي النقيض من كوني أفريقي أميركي إلى الحزب الجمهوري».

وبدون افتراضات سابقة حول انعكاسات عرقه على المستوى السياسي، بدأ روجرز في مناقشة القضايا على الورق، وأدرك أنه على المستوى النظري أكثر ميلا للجمهوريين من الديمقراطيين. ثم حدث شيء مثير للضحك، فقد لاحظ عندما بدأ حضور الاجتماعات السياسية «يا إلهي، أنا الأسود الوحيد هنا. ماذا الذي حل بهم؟»

وقد دفع ذلك التساؤل روجرز إلى تأليف كتاب على وشك الانتهاء بعنوان «الصمت هو الصوت الأعلى»، يحاول فيه أن يشرح كيف خسر حزب لنكولن روحه السوداء. ومن خلال خمس سنوات من الدراسة واللقاءات، خلص روجرز إلى أن الهوة بين المجتمع الأسود والحزب الجمهوري هي هوة عاطفية أكثر منها نظرية؛ قائلا إن هذه الهوة هي كيان إعلامي أكثر من كونها انعكاسا للحقيقة. ويضيف أن أفضل تفسير للتغير الذي طرأ عليهم؛ هو التفسير الذي فصله جاك كمب في حوار معه: «لقد كان لدى الحزب الجمهوري تاريخ عظيم مع الأميركيين من أصول أفريقية وقد تخلوا عنه. وكان للديمقراطيين تاريخ فظيع معهم، ولكنهم تجاوزوه».

وجزء من ذلك التخلي كان قانون حقوق الاقتراع في 1965 و«الاستراتيجية الجنوبية» لريتشارد نيكسون التي كانت تحاول التحكم في الأصوات من خلال إثارة غضب البيض تجاه السود. وروجرز ليس مفرطا في تفاؤله فهو يدرك أن هذه الفترة كانت «جرحا» في جبين الحزب الجمهوري، ولكنه يصر على أن الديمقراطيين استخدموا الاستراتيجية الجنوبية نفسها عندما كانت تتفق مع مصالحهم.

ويقول روجرز إن المشكلة الكبرى بالنسبة للحزب الجمهوري هي عدم الإصغاء إلى المختلفين؛ كما يظهر في برامج الإذاعة والتلفزيون المحافظة؛ فيقول روجرز إنه ومعظم السود الذين يعرفهم لا يستمعون لروش ليمبو نظرا لأنهم لا يسمعون شيئا غير الغضب. «ربما نتفق معه حول القضية، ولكننا لا نستطيع سماعه فهو يبدو غاضبا، فالناس لا تستطيع سماع الغاضبين بل يصغون للمحاورين».

ماذا عن مايكل ستييل رئيس الحزب الجمهوري؟ هل يغير نظرته إلى الحزب الجمهوري، باعتباره حزبا من البيض؟

يستغرق روجرز لحظة في التفكير ثم يجيب بحذر «دعنا نقل إنني أعتقد أنه كان أكثر فعالية في تغيير ذلك المنظور عندما رشح نفسه للفوز بمقعد ميريلاند، وعندما أصبح مساعدا للحاكم».

ويضيف روجرز أن هناك سببا آخر يجعل الحزب الجمهوري يحد من عدد الأميركيين من أصول أفريقية به؛ وهو أن الجمهوريين لا يناقشون القضايا التي لا تهم المجتمع الأسود؛ مثل: الفقر، التحديات التي تعترض طريق الأسر التي يعيلها أحد الأبوين فقط، والعدالة الاجتماعية، العودة إلى الإجرام، الرأسمالية السوداء والجريمة. وقد استوحى روجرز عنوان كتابه من خلال دراسة خطب الجمهوريين على مدار عقود؛ ويقول روجرز إن الطريق لكي يستطيع الجمهوريون أن يجتذبوا المقترعين السود سهل للغاية: اظهر وقدم حلولا للمشكلات. وعندما انتقل إلى روك هيل، حيث يعيش حاليا، شيد روجرز بيته داخل المدينة بدلا من الضواحي، وعندما احتاج فريق السلة للمال لشراء فانلات اللعب ساعدهم، رغم أن الفانلات كانت تحمل شعار «يورك كاونتي الحزب الجمهوري».

فالناس غير مكترثة بنوع الانتماء السياسي الذي يلحق باسمك «فهم فقط يريدون الفانلة». وبدخول روجرز المعركة، أصبح لدى الديمقراطيين سبب للقلق، فمن بين عدة أشياء فهو يخبر الأميركيين من أصول أفريقية بأنهم تركوا أنفسهم للضعف السياسي نظرا للتصويت الجماعي. «إذا كان هناك حزب يستطيع الاعتماد على أصواتنا، يستطيع أن يتعامل معنا باعتبارنا مضمونين. فأن يكون استقراؤك أمرا سهلا، فهذا هو الانتحار بعينه».

ولكن يبدو أن مسألة الاستقراء تلك لا تمثل إشكالية بالنسبة للناطقين بالإسبانية. الجمهوريون السود المزعزعون ربما يجعلون من جنوب كارولينا أضحوكة.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»