«مساج» سويدي!

TT

بالكاد مر شهران على رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي ونرى الحكومة السويدية نفسها في أزمة دبلوماسية حادة مع الحكومة الإسرائيلية. وسبب الأزمة الأساسي قيام صحيفة «أفتونبلاديت» السويدية في السابع عشر من شهر أغسطس الفائت، بنشر تحقيق موسع عن الجنود الإسرائيليين بالاستحواذ على «أعضاء» من ضحاياهم الفلسطينيين للاتجار بها وتقديمها للمحتاجين لها طبيا في إسرائيل. وطبعا قامت الحكومة الإسرائيلية بالرد على المقال المنشور بقولها «إنها حملة عنصرية ولا سامية» وعلقت السفيرة السويدية في تل أبيب على المقال بقولها إنه «صادم» وسرعان ما وبختها الخارجية السويدية على هذا التعليق لاعتباره «مساسا بحرية التعبير والرأي في بلادها»، والأزمة ازدادت سوءا حينما تم الإعلان عن «إلغاء» زيارة وزير خارجية السويد لإسرائيل لأن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو «رفض» مقابلته. السويد تنوي القيام بدور حيوي في مسار السلام الشرق الأوسطي، وهي أكدت ذلك حينما قامت بالتعليق على مصادرة الأراضي الفلسطينية بالقدس الشرقية وطرد السكان منها بأنه «غير قانوني ومخالف للأنظمة الدولية» مما أغضب إسرائيل وأثار حفيظتها.

نتنياهو قلق هو الآخر، لأن الشهر القادم هناك تقرير من الأمم المتحدة يتعلق بالتجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، والسويد كانت لها مشاركة واضحة في هذا التقرير. والآن تنضم شبكة «سي إن إن» العالمية إلى تغطية خبر الاتجار الإسرائيلي بالأعضاء الفلسطينية المسروقة والذي أوضحت في تقريرها أن إسرائيل هي اليوم «أكبر مركز عالمي» لتجارة الأعضاء البشرية بشكل غير قانوني. وأضاف لهذا النقاش المهم الباحث السويدي المرموق ليون برخو وهو أستاذ اللغة والإعلام في جامعة يونشوبنك السويدية والذي نشر مقالا مفصلا عن هذه المسألة، وأكد فيه «حدوث هذه الجرائم» بالأدلة الدامغة. ودعمت هذه الأخبار شهادات من شخصيات قوية ومتنوعة قامت بدعم ما قالته بالوقائع والتواريخ والشهود. قتل الفلسطينيين من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي هي وحدها وبحد ذاتها جرائم تمر دون محاسبة ولا ردع وهو الأمر الذي شجع الإسرائيليين في التمادي في الجرم والقيام بسرقة الأعضاء من الفلسطينيين بعد قتلهم، وذلك بأسلوب هو أقرب للنازية التي عانى منها اليهود وبات على الفلسطينيين دفع ثمن تلك الجرائم وسط صمت دولي مذهل ومعيب. لم تعد الجرائم الإسرائيلية تفزع وتخيف بل على العكس تماما بات هو المتوقع وهو العادي، ولكن «يقظة» السويد في رمزية خجولة ليقظة المجتمع الدولي يجب أن تلقى التحية والدعم والمساندة بالدعم وتوثيق الجرائم المرتكبة بكل شاهد وصورة وقول حتى يمكن التحرك بشكل دولي ضمن هيئات ومؤسسات المجتمع الدولي المعني بمتابعة هذه النوعية من الجرائم البشعة.

إسرائيل اغتصبت أراضي ودمرت شعوبا واليوم هي تضيف صفحات سوداء لسجلها، والمطلوب الانتقال من نظرات الحسرة والاشمئزاز إلى جهد العمل الجماعي لتوثيق المجزرة الإسرائيلية الأخيرة هذه بشكل دقيق وشامل لتضاف إلى سجل إسرائيل الأسود على المستوى الدولي. السويد قامت «بتدليك» الضمير العالمي لعله يستيقظ من سباته العميق تجاه الجرائم الإسرائيلية.. لعل ذلك يكون البداية!

[email protected]