كنت أعتقد أنه بالإمكان!

TT

«نعم نستطيع» كان هو الشعار اللفظي الجذاب لحملة باراك أوباما الانتخابية الأخيرة وتمكن من خلاله أن يأسر الألباب ويستحوذ على قلوب الناخبين بشكل عاطفي عبر الحدود لينال استحسان المتابعين له حول العالم والذين تحول الكثير منهم إلى أنصار وداعمين له ولفكره معتبرين إياه تغييرا إيجابيا مطلوبا بعد حقبة الرئيس السابق جورج بوش الابن التي كانت فترته الأسوأ في تاريخ أميركا، والأسوأ في تاريخ أميركا في علاقاتها مع سائر الدول سواء أكانت هذه الدول من الحلفاء أو من الأعداء.

والآن وبعد مضي أكثر من ثمانية أشهر على حكم أوباما يبدو أن هناك علامات تدعو للقلق من عدم قدرة الرجل على الحسم في أمور مختلفة. فهو حتى هذه اللحظة لم يستطع أن ينهي مسألة اعتماد مجلس الكونغرس لفريقه الإداري وهو فعليا يعمل بنصف قدرته لأنه للآن لم يتم اعتماد سوى50% من جهازه التنفيذي. أما عن برنامجه الوطني للصحة فهذه مشكلة عويصة أخرى. فهو ومع وجود أغلبية مؤيدة له في الكونغرس إلا أنه لم يستطع أن «ينهي» الجدل القائم حول برنامجه وتطمين الناخبين وإزالة عناصر الخوف والقلق منهم وطبعا هناك البرنامج الاقتصادي الذي تسير خطوات الإصلاح فيه ببطء شديد إلا أن المأمول كان أكبر.

ومع ذلك فهو يواجه حملة من المشككين من الحزب الجمهوري تصوره بأنه ملك التأميم ويريد أن يحول أميركا إلى دولة اشتراكية بامتياز متناسين أن هذه الكارثة المالية لم تكن لتحدث لولا رعونة الإدارة السابقة وصرفها غير المسؤول وعدم قدرتها على قراءة الأحداث بشكل مقتدر وسوي وحكيم. وطبعا هناك ملف الشرق الأوسط فلأكثر من مرة يعلن ويحذر الرئيس أوباما الجانب الإسرائيلي «بأهمية وضرورة» وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة وفي كل مرة ترفض إسرائيل طلبه وتستمر، وبكل وقاحة تعلن عن مشاريع جديدة وتلزم مقاولين بالبدء في تنفيذها دون أن يتمكن الرئيس أوباما من «معاقبة» إسرائيل أو حتى التهديد الجاد بالعقوبة في حقها.

وطبعا أي عاقل يعلم أن قضية فلسطين هي أكبر بكثير من مجرد «وقف استيطان» فهناك ملايين من المشردين الذين سلبت أراضيهم وهناك عشرات الهكتارات من الأراضي المغتصبة وأكثر من 11 ألف معتقل وسلسلة الجرائم اليومية بحق المواطنين العزل في فلسطين من قبل الجيش الإسرائيلي دون أن تلقى كل هذه الجرائم أي نوع من ردة الفعل الجادة من قبل الإدارة الأميركية.

لا تزال حالة «إحسان الظن» بالرئيس أوباما موجودة، وهناك يقين بأن هذا الرجل هو حتما خير من الذي كان قبله (وإن كان هذا ليس بالإنجاز الكبير، فأي أحد يمكن أن يكون أحسن من جورج بوش!) هناك شوق كبير وترقب أكبر أن يلحق باراك أوباما كلماته المهمة والمطلوبة بسياسات وتشريعات تواكبها. هناك حديث عن خطة للسلام سيعلنها أوباما قريبا، وهي «مرتبطة» بتنازلات عربية لطمأنة إسرائيل لفكرة السلام مع العرب، وإذا كان هذا هو الاتجاه فمع شديد الأسف ستكون هناك خيبة أمل كبرى. إسرائيل هي الرافضة لفكرة السلام وتبدي ذلك قولا وفعلا والضغط يجب أن يكون عليها هي أولا.

«نعم تستطيع» أن تفرض عليها فكرة السلام لو مارست قوتك كرئيس أميركا ولم تفكر في الانتخابات الرئاسية القادمة. سنرى!

[email protected]