اقتربت نهاية العالم!

TT

هذه الأيام هناك هوس يلف العالم عن أن نهاية الحياة على الأرض صارت وشيكة، والمشهد الأخير لملحمة الإنسان اقترب كثيرا، والموعد 21 ـ 12 ـ 2012.

مقالات وأبحاث وأفلام لا شغل لها إلا الحديث عن اقتراب كوكب مرعب من الأرض اسمه «نيبرو»، وأن وكالة ناسا تعلم بهذا الأمر منذ بداية الثمانينات وتخفيه عن العالم، ولذلك انشغلت بمسألة البحث عن كوكب آخر شبيه بالأرض، نيبرو هذا سيتسبب بتغيير قطبي الأرض، مما يعني انعكاس دوران الأرض على نفسها، الأمر الذي يؤدي إلى تغير طلوع الشمس على سكان الأرض، فتشرق من المغرب وتغرب من المشرق، وفي عام 2011 سيرى سكان الأرض كل كوكب نيبرو يلمع في السماء بحجم يقارب الشمس تقريبا! زلازل رهيبة وفيضانات لا يمكن تصورها ستضرب الأرض، وبراكين وحرائق، سينجم عن ذلك فناء تسعين بالمائة من البشر. ويستدلون بكل ما يخطر وما لا يخطر لك على بال، بتنبؤات شعوب المايا السحيقة، ويستدلون بالقديس أوغسطين وبالعراف نوسترا داموس، ويربطون إعصار تسونامي والاحتباس الحراري بقرب موعد الرحيل ونهاية المسرحية البشرية على الأرض.

سيناريو مرعب ومخيف، وقد وصلت أنفاس هذه الأفكار الحارقة إلى السينما الأمريكية، فرأينا هذه السنة فيلم (knowing) للممثل الأمريكي نيكولاس كيج الذي كان ظاهرة سينمائية عالمية، وهو يعرض قصة عالم فيزيائي كان يرفض أي مقولات غيبية تفسر الكون أو الطبيعة، لكنه لا يملك إلا أن يذعن ، في نهاية المطاف، لتنبؤات غامضة وجدها 2009 بعد خمسين سنة من رحيل كاتبتها الطالبة الأمريكية، تتحدث عن مصير مرعب ينتظر سكان الأرض في وقت الفيزيائي.

يكفي إجراء جولة في «قوقل» للبحث فيما قيل، لدى الغربيين، عن نهاية العالم في 2012.. سنجد تصورات مرعبة.

لدى العرب، الأمر جرى كالعادة، اقتباس مشوه لمشكلات وهواجس تخص مجتمعات مختلفة، فما ينشغل به الغربيون، الآن، حول أسطورة المايا هو نزعات تشاؤمية تضرب في الوجدان الغربي منذ فجائع الحرب العالمية الأولى والثانية، وقبل ذلك الحروب الدينية الكبرى بين الطوائف المسيحية، عرب اليوم اقتبسوا هذه الهواجس الغربية، واستدرجوها إلى السياق الداخلي، شيعة يجعلون من قصة 2012 دليلا على قرب ظهور المهدي، وسنة ينشغلون بها على طريقتهم، وهناك من هو فقط مهووس بفكرة فناء العالم!

تنتشر هذه الأفكار الملحمية عن حلول موعد نهاية العالم في لحظات الحروب والأوبئة الفتاكة، وهي تعبيرات مجازية عن حجم اليأس الذي يتملك البشر من إمكانية حل مثل هذه الأزمات، فيصبح اللجوء إلى الحلول القاطعة الهابطة من عالم لا مادي، هو الملاذ للنفوس الخائفة والحائرة.

السؤال «الساذج» لمنتظري 2012 من قومنا: هل سيأتي هذا العام النهائي وقد انتهت مشاكسات اللبنانيين؟.. هل سيحل وقد انتهت حرب الحوثيين في اليمن، وهل سيحل وما زال المالكي في العراق يتحدث عن دولة القانون؟.. هناك أسئلة أخرى ولكن ربما يدركنا كوكب نيبرو قبل طرحها..