رحمك الله يا علي الطنطاوي

TT

في اليمن سبعة شبان يشكلون فرقة «DOP» وهي واحدة من فرق قليلة تشكلت خلال السنوات الأخيرة، لمحاولة تقديم بعض الأنواع الفنية الوافدة.

وقد علق على هذه الفرقة أحد الصحفيين اليمنيين الذي حضر حفلتهم ويقول:

بدت ملامح السعادة واضحة على قسماتهم بعد التفاعل الذي أبداه الجمهور مع عرضهم الموسيقي الراقص، وبدا أن ذلك يشجعهم ويعزز ثقتهم في هذا النمط الفني الذي يقدمونه. غير أنه يستدرك قائلا:

لا تزال الذائقة السائدة في اليمن بعيدة من أن تستوعب الأنماط الفنية ومنها «الراب» و«الهيب هوب». ويواجه الشبان الذين يقدمون أنواعا فنية صعوبات عدة، لعل أبرزها عدم حماسة المؤسسات الرسمية والأهلية لاحتضان هذه الأنماط.

ويؤكد أصحاب الفرقة على أن الهدف من نشر هذا النوع الفني هو إبعاد الشباب اليمنيين عن تعاطي القات وتشجيعهم على أن يصبحوا «رياضيين ومبدعين».

وسؤالي للقارئ الكريم: أيهما أجدى: ممارسة بعض الشباب لمثل هذا الفن بعيدا عن «القات»، أم تعاطي القات بعيدا عن مثل هذا الفن؟! الجواب لا يحتمل حلا ثالثا، يا هذا يا ذاك، فأيهما تختار؟!

* * *

الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، كان نموذجا فريدا ومختلفا عن كل المشايخ، لما حباه الله من قبول، لعلمه الغزير وثقته بنفسه، وروحه المتفائلة والواقعية، ويا ليت بعض المشايخ «المتجهمين» دوما يأخذون قبسا من مبدأ ذلك الرجل، وقد كنت قبل مدة أقرأ في ذكرياته في دمشق عام 1947، وإليكم هذه الصورة التي نقلها كما هي للقارئ بدون «رتوش» أو مبالغة قائلا:

«بينما كنت أركب «الترام» يوما، صعدت امرأة عجوز متصابية، كأن وجهها خريطة حربية، من كثرة الخطوط المرسومة عليه والألوان، ففوق عينيها خطان أسودان مقوسان، وعلى خديها بقعتان حمراوان، وشفتاها كأنهما قد غمستا بالماء المغلي فاحترقتا ثم نزفتا، فاجتمع عليهما الدم متجمدا فظيعا، فلم تعودا شفتين، ولكن صارتا، والعياذ بالله، آفتين مشوهتين، وأظافر يديها كأظافر ذئبة افترست حملا، فهي طويلة محمّرة مخيفة، فوقفت في غرفة الرجال وهي مملوءة بالناس، وإلى جنبها غرفة النساء فارغة مفتوحا بابها، فنظر الناس إليها متعجبين، ثم ردوا أبصارهم عنها منكرين، فقالت: «ما فيكم واحد مؤدب، يقوم للست، يا عيب الشوم».

فقال أحد الحاضرين: «تفضلي، هذه غرفة النساء خالية» فنفضت يدها في وجوهنا، وقالت:

ـ أنتم «متأخرين» كثيرا، «متوحشين» ما تعلمتم التمدن.

رحمك الله يا علي الطنطاوي، فقد كنت تعرف كيف تنقد وتنصح بطريقة غير مباشرة، دون أن تشدد وتقبض بيدك على رقاب الآخرين.