كيف نستثمر عدم التأهل لكأس العالم؟

TT

لم ينجح المنتخب السعودي في التأهل لكأس العالم، رافقت مشواره في المنافسات الأخيرة الكثير من الصعوبات والحظوظ العواثر، وهو ليس أول منتخب يفشل في التأهل، ولن يكون الأخير، والخسارة قابلة للاستثمار إذا ما فتحنا الباب ليس لتقييم تجربة المنتخب فحسب، بل لتقييم وضعنا الرياضي بصورة عامة، ابتداء من النشاط المدرسي، مرورا بفرق الأحياء والأندية الرياضية، وصولا إلى المنتخب، الذي هو انعكاس لما قبله من حلقات، وفي تصوري أن منظومة من العوامل ينبغي تأملها، ونحن في مرحلة تقييم الأسباب، ومنها:

ـ رفع مستوى الجدية في التربية الرياضية في المدارس، والاهتمام بالملاعب كجزء أساسي من المبنى المدرسي، وإعادة روح المنافسات الرياضية بين المدارس إلى ما كانت عليه في السابق، والسماح للمؤسسات التعليمية بالاستفادة من نجوم الكرة السابقين ـ بالتعاون ـ لتدريب طلابها الموهوبين، فاهتمام المدرسة قد يشعل مبكرا فتائل الموهبة لدى الصغار.

ـ بعد أن غدت مدننا غابات إسمنتية تخلو من ميادين اللعب التقليدية التي أنتجت لنا في الماضي كوكبة من النجوم، فإن واجب الرئاسة العامة للشباب تجربة إنشاء ملاعب ناشئين داخل الأحياء توكل مسؤوليتها إلى الأندية الكبرى، أو بعض النجوم السابقين، لتشكل روافد مستقبلية على درجة من الأهمية، فعلماء الكرة يعرفون أن ثمة عمرا معينا يمكن فيه إعداد الصغير كلاعب كرة، ولو تجاوز ذلك العمر تصبح مهمة إعداده أكثر صعوبة، وجل لاعبي أنديتنا الحاليين جاءوا إلى ملاعب الكرة دون إعداد كروي منهجي ومبكر، فغلب على أدائهم الفردية، وعدم الاحترافية.

ـ تقويم الواقع الحالي لأنديتنا، خاصة ما يتصل بالجانب الاستقلالي المادي، فبقاؤها مرتهنة لبعض أصحاب النفوذ المالي يفعلون بها ما يشاءون لا يصب دائما في مصالح الأندية ومستقبلها، إذ تتطلب قيادة الأندية مجموعة كبيرة من الشروط الإدارية، والثقافية، والاجتماعية، والخلفية الرياضية، وليس بالضرورة توفرها في ذوي النفوذ المالي.

ـ ولو استطعنا النهوض بتلك الدوائر السابقة لكانت مهمتنا في المنتخب أكثر سهولة وعملية، خاصة إذا ما استطعنا بناء معايير علمية دقيقة في اختيار اللاعبين، وجهاز التدريب الفني، والإشراف الإداري بعيدا عن ضغط الجماهير.

وبدلا من التوقف عند بعض الجزئيات المسببة في عدم التأهل، علينا الانتقال إلى التفكير في الأساسيات، فالفوز أو الهزيمة حالة موقوتة، لكن البناء الكلي المنظم يظل الضمانة المستقبلية الأهم. فهل نفعل؟

[email protected]