لا رقابة ولا براءة اختراع

TT

النكتة السياسية هي العمل الأدبي الوحيد الذي لا يخضع للرقابة ولا للبراءة المسجلة ولا لحقوق النشر copyright ولا لسمة دخول وخروج. تتجسم الحرية المطلقة في النكتة السياسة. فهي لا تخضع حتى للآداب الاجتماعية أو الاعتبارات الدينية. هكذا راحت تتنقل من بلد إلى بلد ومن عهد إلى عهد. نصادفها في شتى الملابسات تلبس مختلف الجلابيب وتأخذ كل الصيغ.

هكذا سمعنا نكتة طوابع هتلر وغوبلز تقال عن زعماء الحكم السلطوي في دنيا العالم الثالث، وما أكثرهم.

لاحظ هتلر أن غوبلز في حالة كئيبة. فسأله فأجاب أنه يشعر بالإحباط. يقوم بكل هذه الأعمال لألمانيا ولكنه لا يتلقى أي تقدير عنها. كل الطوابع لا تحمل غير صورة هتلر مثلا. ولتطييب خاطره بادر الفوهرر إلى الأمر بإصدار طوابع تحمل صورة غوبلز. مرت أيام فلاحظ أن غوبلز ازداد اكتئابا. سأله عن ذلك. قال له لماذا أراك مكتئبا وقد أصدرنا طوابع بصورتك؟ قال شكرا. ولكن طوابعي لا تلتصق. استغرب الفوهرر فأخرج طابعا يحمل صورة غوبلز ولصقه على ورقة فالتصق. قال: «انظر. ها هو يلتصق. كيف تقول انه لا يلتصق؟» أجابه غوبلز: «لقد التصق لأنك وضعت بصاقك على الجانب المصمغ للطابع. ولكن الجمهور لا يفعلون ذلك. إنهم يبصقون على صورتي ويحاولون لصق الطابع فلا يلتصق».

وبشيوع الدكتاتورية، شاعت هذه النكتة عالميا كما ذكرت. وعلى غرارها شاعت نكتة وزارة البحرية ووزارة العدل. التقى ضابط ألماني أثناء الحرب العالمية الثانية برجل من لوكسمبرغ أخذ يطوف به ويفرجه على معالم المدينة. أخيرا أشار إلى إحدى البنايات المهيبة وقال هذا مبنى الأدمرالتي (وزارة البحرية). استغرب الضابط الألماني مما سمع فسأل الرجل: «هذا غريب! عندكم وزارة للبحرية ولا يوجد عندكم أي بحر».

أجابه الدليل قائلا: «ولكن أنتم أيضا عندكم وزارة عدل في برلين!».

جرى تداول هذه النكتة عالميا كما قلت. رواها الهنغاريون عن هنغاريا والاتحاد السوفيتي. ثم قيلت عن بوليفيا وجمهورية شيلي في أميركا اللاتينية في عهد بينوشيه.

ولكن من الطريف أنني سمعتها مؤخرا تقال بصيغة أخرى عن العالم العربي وسويسرا. قالوا إن سفير إحدى الدول العربية التقى في حفلة كوكتيل بدبلوماسي سويسري، فسأله عن وظيفته فقال له انه الملحق البحري لسويسرا. تعجب السفير العربي من ذلك ولم يخف عجبه فسأل الدبلوماسي السويسري: «عجيب! ملحق بحري لسويسرا وهي ليس لها أي بحر!» أجابه الملحق البحري السويسري: «وماذا في ذلك؟ أنتم أيضا، عندكم هنا ملحق ثقافي!».