أحمر وأسود يوميا!

TT

هذه الأيام أضع الأحمر والأبيض والأسود في الوجه وعلى الخدين وعلى الشفتين. ولا أجد ضرورة لغسل وجهي لأنه سوف يعاد تلوينه غدا.. أياما عديدة..

وأذكر أول مرة أضع الأحمر والأبيض والأسود كان من أربعين عاما في أول عهدنا بالتليفزيون. ولم يكن البرنامج أدبيا أو فلسفيا وإنما كان رياضيا: كرة القدم..

فقد استدرجني كابتن لطيف، أشهر معلق رياضي في ذلك الوقت وفى كل وقت. فله صوت مميز وأسلوب أيضا. أسلوبه جذاب فكاهي. ويبدأ عادة بأن يشكر وزير الرياضة، ومحافظ المدينة، والمشرفين على الأمن وتنظيم الدخول إلى المدرجات. وعادة لا يتسع وقته لكي يشكر عشرات الألوف من المشاهدين واحدا واحدا. ثم يبدأ يحكي نوادر اللاعبين عندما يتسع الوقت أو يتوقف اللعب. ويعلن أنه سوف يذكر أسماء اللاعبين عندما يتسع الوقت أو يتوقف اللعب، ثم لا يعلن ذلك. وضحك علي وأعطاني الميكرفون، وقدمني للجمهور قائلا: أنت و22 لاعبا والنادي الأهلي على اليمين، والزمالك على الشمال، والكاتب الكبير أنيس منصور والجمهور.. فقلت: سيداتي سادتي أنتم تعرفونني كاتبا وقد تورطت.. فأنا لا أفهم في الكرة ولا في قواعدها وأصولها. ولكن لا يسعني إلا أن أشكر السيد الوزير والسيد المحافظ ورجال الأمن وأطباء الإسعاف الذين استدعوا لأنني سوف أقع تحت الميكرفون، وبذلك يعود إليكم كابتن لطيف الظريف العالم العلامة.. واليكم كابتن لطيف..

واستمعت إلى صوتي على شريط.. وكان واضحا جدا أنني أرتعش وغير قادر على الكلام.. ووجدتني أقول.. أرجو من كل واحد يعرف طبيبا أمامه أو خلفه.. أن يدركني قبل أن أسقط..

أرجوكم أدركوني.. أنقذوني.. (صمت استغرق بضع دقائق) وبسرعة جاء صوت الكابتن لطيف.. ووجدها الجمهور مادة للفكاهة من أربعين وفى أربعين سنة!