يسّروا ولا تعسّروا

TT

هناك نصيحة أو مثل شعبي يقول: «حط بينك وبين النار مطوّع» ـ أي اجعل بينك وبين النار رجل دين يفتي لك ـ فإن أصاب فقد نلت الأجر معه، وإن أخطأ «فذنبه على جنبه»، وأنت في هذه الحالة تكون كالشعرة التي تنسل من العجين، أو كناقل الكفر الذي لا يكفر، والعياذ بالله.

وهذا هو «بالضبط» ما أتبعه في ملتي واعتقادي، فآخذ من المفتين ما تيسر ووافق هواي ومصلحتي، على مبدأ: يسروا ولا تعسروا، وهذا هو سلوك قدوتنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، حيث أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما.

صحيح أنني أستفتي قلبي أحيانا، ولكنني في الغالب، وخوفا من تحمل المسؤولية، أستفتي من توسمت بهم غزارة العلم الشرعي، مع مرونة الفكر وسماحة النفس ومحبة الحياة، وأضع الوزر كله عليهم.

وهذا شيء جيد وجميل أن تجمع عدة فتاوى لعدة مشايخ، وتفاضل وتقارن بينها ثم يكون لك حرية الاختيار، وهذا هو ما أفعله، ثم أذهب بعد ذلك وأنا خفيف الروح، مرتاح البال، سعيد الضمير.

وقرأت قبل أيام وجه نظر للشيخ عبد الله بن جديع، لا بأس أن أنقلها لكم لعل فيها فائدة ولفت نظر لمن أراد أن يعرف أكثر عن المفسوحات التي يتحرج البعض عن ممارستها أو حتى الخوض بذكرها، وهو يقول:

«لو رأى الناس اليوم شيخا يسابق زوجته، لطعنوا في دينه، في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة»، وأشار إلى أن هذا «السباق» لم يكن في معزل عن رؤية الناس.

وذكر أن «الرسول أقر (الدبكة) الحبشية في مسجده، إذ كان في يوم عيد وفرح، وحث على ذلك، وكانت عائشة على رأس كتفه تنظر إليهم» ونوه إلى أنه عليه الصلاة والسلام أقر لأهل الجاهلية أخلاقهم، وترك عاداتهم من ملبس أو مشرب ونحوه، لكنه قوم بعض السلوكيات الخاطئة.

واستهجن الجديع لفت الأنظار والتميز عن الناس بلبس أو نحوه، وذكر أن الأعرابي يدخل على مجلس رسول الله ويقول أين محمد؟ ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام لم يتميز عن أصحابه بلبس معين، وأبدى استياءه من وجود طقوسية لدى المسلمين. وتساءل لماذا نصر على أن يتميز الشيخ بعمامة، لأنه بهذه الطريقة قصر العلوم الشرعية على أصحاب العمائم ومن لم يضعها ليس بعالم.

انتهى كلام الشيخ الجديع.

وليس معنى ذلك أنني أدعو المشايخ للتسابق علنا مع زوجاتهم، معاذ الله أن أدعو لذلك، لأن هذا بالتأكيد ليس في مصلحتهم كمتسابقين وليس في مصلحتنا كمشاهدين.

ولا كذلك أدعو للرقص لا للأحباش ولا غيرهم، كما أنني أقول إن للمشايخ كامل الحق أن يضعوا على رؤوسهم العمائم من جميع الألوان، أو يقذفوا «بالعقل» ـ جمع عقال ـ أقول: إن لهم الحق أن يقذفوا بها إلى أبعد مسافة من دون أن يضعوها على رؤوسهم العزيزة، مثلما لي الحق أيضا أن ألبس العقال وأميله على الجنب قليلا، أو أرتدي «الكسكت» وأجعل سافلها عاليها.