فتيات يأخذن الثأر بـ«المسيار»!

TT

منذ أكثر من عام، ومن دون تمهيد أو سابق إنذار، والأخبار الصحافية تنهال على رؤوسنا بشكل أسبوعي، تعج بحكايات ابتزاز الفتيات من قبل بعض الشباب، عبر تهديدهن بصور أو تسجيلات، حتى غدا المرء يتساءل: أين كان هذا النوع من الجرائم لينفجر في وجوهنا دفعة واحدة بهذا القدر المزعج، والمؤلم للمشاعر، ووسط الحزن الشديد على أولئك الفتيات طالعتنا صحيفة «المدينة» السعودية السبت الماضي بخبر في الاتجاه المعاكس، عنوانه (القبض على فتاتين تبتزان الشباب بـ«المسيار» في جدة)، ويشير إلى أن فتاتين سعوديتين استحدثتا وسيلة مبتكرة للحصول على الأموال، وذلك بعرض نفسيهما على الشباب طالبي الزواج «المسيار»، وبعد أن يتم الزواج تبدأ العروس مباشرة بابتزاز زوجها مهددة بفضحه أمام زوجته وأبنائه، طالبة مبالغ مالية كبيرة جراء صمتها، واستنجد عدد من الضحايا المذعورين بالشرطة لتخليصهم من براثن التهديد والوعيد، وتمكنت الشرطة من القبض على الفتاتين «في العقد الرابع من عمرهما»، وهما رهن التحقيق.

والآن بعد أن غدا الابتزاز متبادلاً بين الجنسين على طريقة «مفيش حد أحسن من حد»، وبعد أن أصبح لبعض الفتيات أنياب وأظافر، حالهن حال بعض الفتيان، فإن واجبنا أن نتساءل: كيف وصل الانهيار الأخلاقي لدى بعض شبابنا من الجنسين إلى هذا الحد؟ فجرائم الابتزاز ـ الدخيلة على مجتمعنا ـ باعتبارها الأسوأ، والأردأ، والأقبح في قائمة الجرائم، تفرض بالضرورة البحث عن مكمن الخلل التربوي الذي أفرز هذه الشريحة من المبتزين والمبتزات بكل ما تعبر عنه هذه الجرائم من وحشية، وغلظة، وغياب ضمير.

والإشكالية الاجتماعية التي نعيشها تتمثل في الاتكاء على الجهازين الأمني والقضائي لإصلاح الكثير من جوانب الخلل التي نعيشها، ففي مواجهة جرائم الابتزاز كمثال، نحن بحاجة إلى تضافر الكثير من الجهود التربوية، والإعلامية والاجتماعية، إلى جانب الجهود الأمنية والقضائية لإعادة صياغة العلاقة بين الجنسين، ولتعميق منظومة القيم التي اهتزت في أعماق البعض، فاستباحوا لأنفسهم أن يسقطوا في براثن الرذيلة، وأن يتحولوا إلى صنّاع شقاء لأنفسهم وللآخرين.

ولما كان في الإعادة إفادة فسأكرر السؤال: كيف وصل الانهيار الأخلاقي لدى بعض شبابنا من الجنسين إلى هذا الحد؟!

[email protected]