مع طه حسين لأول وآخر مرة!

TT

من 45 عاما بالتمام والكمال ظهرنا على شاشة التليفزيون: أستاذنا د. طه حسين. والأصدقاء: نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي وثروت أباظة وعبد الرحمن صدقي وأمين يوسف غراب وكامل زهيري وأنا وآخرون..

فقد طلب منى د. عبد القادر حاتم وزير الإعلام أن أقدم برنامجا جديدا في التليفزيون فقلت: لا أعرف. فقال: اجمع الأدباء واترك الباقي للمخرج. فذهبت إلى أستاذنا طه حسين ومعي المذيعة التي ستتولى إدارة الحوار مع أستاذنا العميد. وقلت لها: احترسي لا تتجاوزي حدودك فكل هؤلاء صناعتهم الكلام. فلا تتدخلي ولا تعلقي على أي أحد. فهذه صورة تذكارية لنا مع طه حسين. ولا تعلقي على أي كلام يقوله طه حسين فليس هذا من شأنك..

وانفردت بطه حسين لأعرف منه إن كان يريد شيئا خاصا أو موسيقى معينة أثناء الحديث. فسألني: وكم يتقاضى العقاد؟

فقلت: يا أستاذ ثلاثمائة جنيه!

فقال: ليس أقل من العقاد..

ـ طبعا يا أستاذ..

وكان هذا المبلغ الذي يبدو تافها اليوم شيئا كبيرا في ذلك الوقت.. وطلب طه حسين أن يتقاضى المبلغ قبل تسجيل البرنامج. وكان معي مدير البرنامج فأخرج المبلغ من جيبه وأعطاه لطه حسين. ومد طه حسين يده في جيبه وأخرج الختم. وختم الورق بالاستلام وأعاد الختم إلى جيبه. وجاءت حرم طه حسين وأخذت منه المبلغ وقبلته وقالت إنها ذاهبة إلى حفلة في السفارة الفرنسية.. ثم اقتربت منه وقالت هامسة إن الأدباء ينتظرون بالحديقة. والحديقة مبللة. وبدا الفزع على وجهها. وامتقع وجه طه حسين..

وبسرعة اقتربت مني السيدة سوزي طه حسين وقالت لي: من هؤلاء.. كل هؤلاء.. فقلت: إنهم عمال التليفزيون..

قالت: وأين الأدباء؟

قلت: سوف يحضرون حالا..

وكانوا هم الأدباء..

وناديت المخرج وقلت له: ضع عربات التليفزيون هنا لكي تسد الشارع حتى إذا عادت حرم طه حسين تتعطل بعض الوقت حتى لا تنظر إلى أحذية الأدباء التي تبللت. وتعلّق بها الطين الذي لوث السجاجيد الفارسية.. يتبع