هوايات تجلب المصائب

TT

هذه حادثة حصلت قبل أكثر من خمسة عقود، وبطلاها تاجران فتح الله عليهما أبواب الرزق من كل صوب، وتجمعهما إلى جانب الصداقة عدة هوايات من ضمنها (القنص) ـ أي الصيد في الصحراء ـ وكذلك هواية حب (النكاح) ـ أي الزواج ـ

وفي إحدى المواسم الشتائية ذهبا في حملة من عدة سيارات مع عشرات المرافقين للصيد في رحلة تمتد لأكثر من شهر.

وبينما كانا سامرين ذات ليلة مع مرافقيهم حول النار في مخيمهم، خطر على بالهما ممارسة هوايتهما الثانية ألا وهي: الزواج، ووجد كل منهما أنها فكرة صائبة وبناءة ـ خصوصاً وأنهما بدآ يشعران بالحرمان بعد أن مضى عليهما أكثر من ثلاثة أسابيع في هذه الصحراء الشاسعة، وهما بعيدان عن أهلهما، وتداولا الموضوع مع بعض رفاقهما الذين لهم باع طويل في معرفة رجال القبائل وما يسمعونه عن بناتهم الجميلات، و(سال لعاب) الرجلين.

وبعد السؤال والتحرّي استقر رأيهما على فتاتين، وأرسلا إلى والديهما وخطبا ابنتيهما وحصلت الموافقة، وما هي إلا عدة أيام حتى نصبا خيمتين وأودعت كل عروس بخيمتها، وأقيمت وليمة العرس، وبعدها زف كل عريس إلى خيمة عروسته في ليل أظلم.

كل هذا حلو وزين ومقبول (وعلى العين والرأس)، غير أن ما كدر هذا (الفرح) هو صياح وصراخ إحدى العروسين وهو يشق عنان السماء في الهزيع الأخير من الليل، وذلك عندما اكتشفت أن الرجل الذي دخل عليها ليس هو الرجل الذي عقد له الشيخ عليها، وكان من المفروض أن يكون الرجل الثاني هو زوجها.

وخلاصة الموضوع أن الجميع من شدة فرحهم وحماسهم عندما زفوا العريسين حصل عندهم التباس وغلط، وأدخل كل رجل على عروسة أو زوجة الرجل الثاني.

ووقع الاثنان في (حيص بيص) ـ ولا أدري إلى الآن كيف حلا مشكلتهما (شرعاً)؟!

حقاً إن بعض الهوايات إلى جانب أنها مكلفة فهي أحياناً تجلب المصائب.

وهذان التاجران يختلفان عن أحد الأمراء عندما خطب إحدى الفتيات ووافق والدها وأتى بها لكي يشاهدها الأمير، وكذلك هي تشاهده قبل عقد النكاح ـ وهذا جائز ومستحب شرعاً ـ لاحظ الأمير أثناء ذلك أن الفتاة طوال جلوسها في حضرته كانت تبكي، فسأل والدها عن السبب، فقال له: إنها تبكي من شدة الفرح.

وفي ثاني يوم زفوه إلى عروسته، وعندما دخل عليها وجدها ساهمة ودمعتها على خدها وهي تفكر، فسألها: بماذا تفكرين؟! فقالت له: إنني أفكر في ابن عمي.

فما كان من الأمير الشهم إلا أن يخرج من الغرفة دون أن يمسها، ويستدعي والدها في ثاني يوم ويطلقها أمامه، ويطلب باستدعاء ابن عمها ليعقد الشيخ نكاحه عليها، ويتكفل الأمير بكل مصاريف الزواج، وأقيم العرس وسط احتفالية (العرضة)، وكان الأمير فيها هو أول الراقصين بالسيف.

الحمد لله أنه ليس من هواياتي لا القنص ولا النكاح.