شوارعنا: شارع كأن!

TT

لأسباب ليست واضحة كنا نتردد على هذا الشارع الصغير. بين البنك الأهلي ومكتبة سميث.. فبعضنا يقول: لكي نرى بنات الصين الصغيرات الجميلات الرقيقات. وبعضنا يدعي أنه ذهب إلى أبعد من النظرات إلى التعبيرات والهمسات واللمسات ثم إلى الصمت الرهيب..

وبعضنا يقول: كأننا ذهبنا إلى الشرق الأقصى: الصين والفلبين وهونج كونج واليابان.. فنحن لا نعرف بالضبط من أي هذه الشعوب. إننا نراهم، أو على الأصح، نراهن. وليس لهن صوت.. وإنما الابتسام والانحناء. وبس..

ومن البيوت واحد كثير الألوان.. ألوان ناعمة هادئة. وسور الحديقة ليس مرتفعا كأنه يدعونا إلى أن نتفرج على أشجارها الصغيرة كأحجامها.. شجرة برتقال وشجرة تفاح وشجرة عنب..

ومن حين إلى حين تظهر قطة.. ويظهر كلب لا يطاردها.. وإنما يداعبها.. والحديقة تغريك بأن تمد بصرك لا يديك. بل تمد أنفك أيضا ليغمره العطر والأريج الناعم كأنه يستأذنك لكي يدخل أنفك ودون أن تسمح له بذلك يكون قد ملأ الأنف والعين والأذن ووضع لك وسادات من الحرير تستدرجك لأن تنام.. وفجأة تنهار نائما كأن إجماعا من العينين والأذنين واليدين وملايين الخلايا قد صوتت وأجمعت على ضرورة أن تنام.. واقفا.. قاعدا..

وقفنا كثيرا بالقرب من الحديقة ولم نر أحدا من أصحابها. لا أحد دخل ولا أحد خرج كأن هذه الحديقة تدار من بعيد.. وفى سماء الحديقة فراشات كأنها الأطباق الطائرة لكائنات من كواكب أخرى جاءت تتأمل السلام بين الإنسان والحيوان والحشرات.. جنة لم يدخلها لا آدم ولا حواء.. أو إنها جنة على الأرض، فكأن آدم وحواء قد هبطا من جنة إلى جنة.. وكأننا أولادهما أو أحفادهما.. وكأننا متنا وكأن مثوانا الجنة: « لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا» صدق الله العظيم..

يتبع