استثمار الملك عبد الله بن عبد العزيز

TT

تحتفل السعودية بإطلاق جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في رابغ، على الساحل الغربي من السعودية، وهي جامعة عالمية للدراسات العليا، حيث تتخصص في مجال الأبحاث، التي تركز على النواحي المهمة سعوديا وعالميا، مثل الطاقة، والبيئة، وتحلية المياه، والتقنية البيولوجية الصناعية، والتطبيقات العلمية للكمبيوتر، وستكون الدراسة فيها باللغة الإنجليزية، والفرصة فيها متاحة للرجال والنساء من جميع أنحاء العالم.

هذا المشروع هو استثمار خادم الحرمين الشريفين بشكل كامل، فهي حلمه منذ كان وليا للعهد، واليوم يتحقق حلم الملك، وحلم بلاده، في تدشين هذا الصرح العلمي، الذي يمثل الاستثمار الأفضل، والأنجع. والمفارقة هي أن هذا المشروع يأتي بعد فترة وجيزة من صخب إعلامي شهدته السعودية على خلفية خبر جاء فيه أن الجامعات السعودية تتذيل قائمة تصنيف الجامعات عالميا.

واليوم والسعوديون يحتفلون بهذا الصرح العلمي، الذي يتوافق مع يومهم الوطني، نجد أن جامعة الملك سعود في الرياض، التي يقف خلفها مدير يستحق كل التقدير، وهو الدكتور عبد الله العثمان، الذي وجد دعما وصلاحيات من خادم الحرمين الشريفين وفق خطة تم الاتفاق عليها، تتلقى التهاني على تصنيفها كواحدة من أفضل 200 جامعة في العالم.

ولذا فعندما نقول استثمار الملك عبد الله فلسبب بسيط هو أن العلم استثمار، وهو ما يضمن الارتقاء بالوطن والمواطن. وأولى خطوات التطوير التعليمي هي الإقرار بالخطأ، ومن ثم معالجته، ولذا فاليوم هناك حراك مطمئن في السعودية لتطوير العملية التعليمية بكافة مستوياتها، حيث صرفت ميزانية ضخمة للتعليم ككل، وهناك المشروع الذي يمثل نقلة مضيئة، وهو مشروع الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، الذي يستفيد منه ما يزيد على 60 ألف طالب وطالبة من السعودية.

فهذا هو أفضل استثمار، وهذا ما تحتاجه السعودية، مع ضرورة استمرار تقييم التعليم بكافة مجالاته، من المناهج، والمعلمين والمعلمات، وكذلك التعليم العالي، وكادره. كما تحتاج السعودية إلى إيجاد صندوق دائم لتمويل مشروع الابتعاث إلى سنوات قادمة، وذلك لضمان عدم تأثر مشروع الابتعاث بأي عامل اقتصادي، سواء انخفاض أسعار البترول أو غيره، فالابتعاث في حاجة إلى صندوق استثماري يكون له مجلس أمناء وخلافه، بطريقة اقتصادية مناسبة لا تراعي المردود المالي الوقتي، بل الاستثمار بعيد المدى.

ولا بد من عملية رصد، ونقد، لكل ما يتعلق بالتعليم، وعلى كافة المستويات، من الإعلام، بكل أنواعه، ولا بد أن يتفق السعوديون على أنه عندما نتحدث عن الثوابت فإن الثابت في التعليم هو أنه حق مشاع للجميع، فمن لم يكمل تعليمه له حق العودة لصفوف الدراسة، ولمن غادروا الجامعات وبدأوا الحياة العملية الحق في العودة للجامعات إما للتدريب، أو استكمال التعليم، وخلافه، كما أن نقد التعليم وتطويره على كافة المستويات، هو من الثوابت، لا العكس.

التعليم هو سلاحنا الحقيقي للمستقبل، وليس مسرحا للمشاحنات، وتسجيل النقاط.

[email protected]