سر البيض المسلوق

TT

يصف محمد أبو عزة في «عصر السلطان عبد الحميد» تفاصيل يوم في حياة السلطان التركي الشهير، بدءا من لحظة نهوضه في السادسة صباحا (صيفا) أو السابعة (شتاء) فيقوم إلى حمام عاجل، ثم يقوم بجولة في الحديقة الداخلية لترويض عضلاته، يعود بعدها إلى مكتبه، يتناول القهوة التي أعدها «القهوجي باشا» أمام عينيه.

فقد كان السلطان مهووسا بأمنه لا يثق بأحد، ودائم الخوف من أن يسمم له. وإذا كان الجو صافيا ركب مركبا يقوده بنفسه إلى جزيرة قريبة جعلها حديقة حيوانات خاصة، فيها أسود ونمور أهداها إليه ملك الحبشة منليك الثاني.

يمضي ساعتين هناك ثم يعود إلى القصر لتناول غداء خفيف لا يتغير من الحساء واللحم وبعض الفواكه. بعدها يذهب إلى مكتبه ليعكف على قراءة تقارير الجواسيس ومقتطفات الصحف الأجنبية التي تهاجمه. عندها يصدر تعليمات إلى سفرائه للتصرف في إسكات تلك الصحف. بعد الظهر بساعة يذهب إلى غرفته في دائرة الحريم حيث ينام ساعة ونصف الساعة، وهي فترة النوم المريح الوحيدة، ففي الليل كان نومه متقطعا وقليلا. وبعد القيلولة يعود إلى مكتبه لتصريف شؤون الباب العالي عاملا حتى الثانية ليلا.

وكان مطبخه مستقلا عن مطابخ القصر، له باب محكم من الحديد، ولا تطبخ الأطعمة إلا بإشراف «الكيلارجي باشا» الموثوق. ويحمل الوجبة إليه، مغطاة ومختومة، خادمان، يتولى فكها مرافقه. وكان يطعم القطط قبل أن يبدأ الأكل ليتأكد أنه غير مسمم. وكان البيض أفضل المأكولات عنده لأنه من الصعب دس السم فيه.

كان للنسوة دور كبير في قصره مثل بقية سلاطين بني عثمان. وقد جيء بمختلف السلطانات من قصور بيزنطيا. وكانت لسليمان القانوني فتوحات في الأرض لكن الروسية «روز كزلان» هزمته بجمالها، وأصبحت «السلطانة حزم» بعدما جاءت إلى القصر جارية. وفرضت السلطانة إرادتها على الوزراء والموظفين، وتآمرت مع صهرها رستم باشا، فعملت على اغتيال الأمير مصطفى ابن زوجها وولي عهده، وضمنت بذلك العرش لابنها سليم الثاني. وأوغرت صدر زوجها على صهره إبراهيم باشا فأمر بخنقه في نومه. وقد توفيت قبل زوجها فبكاها بكاء مرا.