لماذا يعد هولدر مخطئا؟

TT

كتب صديقي وزميلي كاتب الأعمدة يوجين روبنسون مقالا عاطفيا مميزا له أسباب معقولة جدا يثني فيه على قرار وزير العدل إريك هولدر بأن يعين مستشارا خاصا للنظر في احتمالية قيام محققين في قضايا الإرهاب بانتهاك القانون إبان الإدارة السابقة.

ولكني، أعتقد أنه مخطئ.

أولا، اسمحوا لي بأن أؤكد أنني أوافق على أهمية محاسبة من يقوم من المسؤولين الحكوميين بتصرفات غير قانونية أو أية انتهاكات خطيرة للثقة، حتى على أعلى المستويات. ولم تكن لدي مشكلة مع إجراءات العزل التي اتخذت ضد ريتشارد نيكسون، ودعوت بيل كلينتون إلى أن يقدم استقالته عندما كذب على زملائه في المجلس الوزاري وعلى المواطنين خلال قضية مونيكا لوينسكي.

وأتفهم السبب الذي يجعل عددا كبيرا جدا من الليبراليين، الذين عارضوا إدارة بوش، يحدوهم الحماس الشديد لرؤية عملائه ومسؤوليه مجبرين على الظهور على الملأ لتفسير الأفعال التي قاموا بها. والحجة التي على أساسها يريد روبنسون وكثيرون آخرون الحصول على شهادة حجة قوية.

وأنا غير مقتنع بقول نائب الرئيس السابق ديك تشيني أن هذا مجرد انتقام سياسي من الديمقراطيين المسيطرين حاليا ضد أسلافهم من الجمهوريين. وعلى الرغم من جميع الأسباب التي ورد ذكرها من قبل، يوجد مبرر كبير لطلب إجابات بعيدا عن أي رغبة حزبية.

ومع ذلك، أرى أنه من المؤسف أن طلب هولدر من المدعي جون دورا مهما مراجعة قضايا العملاء المتهمين بارتكاب ممارسات تعسفية ضد بعض المسجونين.

وأدرك أن هذا مجرد تحقيق مبدئي، وليس قرارا بمقاضاة أي شخص. وإذا كان الأمر سيقف عند هذا الحد، فلن يتحقق ضرر كبير. ولكن، هذه هي الخطوة الأولى في محاكمة قانونية يمكن أن تؤدي إلى محاكمات، وهذا ما يجعلني أتوقف.

ولا يعد تشيني مخطئا عندما يؤكد أن هذه سابقة خطيرة أن يدفع تغيير في السلطة داخل واشنطن إلى أن تقوم حكومة جديدة باستثارة النظام القضائي الجنائي ضد الحكومة السابقة بدلا من مجرد تغيير السياسات وفقط.

وقد اختلف ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية ذو الضمير الحي الذي قام في بداية عمل الحكومة بالاستقالة احتجاجا على سياسات إدارة نيكسون التي كان يخدم فيها، مع قرار هولدر. وقال إنه سيكون لذلك أثر ضار على الروح المعنوية والعمليات التي تقوم بها وكالته، التي اتخذت بالفعل إجراءات قوية من أجل تصحيح السياسات التي ورثها.

ويدعم رأي بانيتا تقرير ديفيد إغناتيوس، من «واشنطن بوست»، وآخرون ممن لديهم مصادر جيدة داخل وكالة الاستخبارات المركزية.

وما يظهر متجاوزا القضايا المعلن عنها لهؤلاء العملاء الصغار هو السؤال الجوهري في عملية المحاسبة وهو: ماذا عن الأشخاص الذين وافقوا على هذه الأفعال؟ وإذا كانت المحاسبة هي القاعدة، فإنها يجب أن تُطبق على صانعي السياسات وليس على المرؤوسين وحدهم. وفي النهاية، هل نريد أن نرى تشيني، الذي دعم ولا يزال يدعم هذه الأفعال، واقفا في قفص الاتهام؟

أعتقد أن هذه هي الاحتمالية التي دفعت الرئيس أوباما إلى القول بأنه يعارض استثارة النظام القضائي الجنائي، حتى في الوقت الذي أعطي فيه هولدر السلطة كي يتخذ قرارا في الأمر بنفسه. وحجة أوباما هي أنه اتخذ قرارا بأن يغير السياسات وأن يضع الممارسات بصورة واضحة في إطار دستوري من المفترض أن يكون ذلك كافيا.

وفي أوقات كهذه، يجب قياس الرغبة المفهومة من أجل تطبيق المحاسبة الفردية في مقابل التبعات، حيث تواجه هذه البلاد عددا كبيرا جدا من التحديات الضخمة داخليا وخارجيا ولهذه التحديات لا يتحمل الرئيس الانزلاق إلى معركة ستكون بلا ريب كبرى وذات طابع حزبي مرير حول مقاضاة مسؤولي حقبة بوش. وسوف تكون الكلفة كبيرة جدا.

عندما أصدر الرئيس فورد عفوا عن نيكسون عام 1974، كتبت مقالا كان من بين المقالات القليلة التي أعربت عن موافقتها على قراره، والذي اتخذ على أساس أنه من المهم بدرجة أكبر بالنسبة لأميركا أن تركز على مهمة تغيير الطريقة التي تُحكم بها وأن تعالج المشاكل الحالية. واستغرق الأمر جيلا كاملا كي تنظر مؤسسة مكتبة جون كنيدي مع آخرين إلى القرار على أنه تصرف شجاع كان يجب أن يتخذ.

وأتمنى أن نتجنب هذا السقوط، فالعجلات تغير اتجاهها ولكن يمكن وقفها قبل أن يقع دمار لا يمكن إصلاحه.

ارتكبت خطأ فظيعا عندما كتبتُ أخيرا أن روبرت كيندي انتظر إلى أن ترك الرئيس ليندون جونسون السباق ليعلن عن ترشحه عام 1968. ولكن، أعلن كيندي ترشحه في مارس (آذار) وانسحب جونسون بعد ذلك بـ15 يوما.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»