زعامة الدول بعلومها وتقنياتها

TT

الغريب ان الاوساط العلمية في الولايات المتحدة شجعت في اغلبيتها المظلة الصاروخية التي تنوي ادارة الرئيس بوش اقامتها، لانها قلقة جدا من تدهور المستوى العلمي في البلاد، مما يعني فقدانها مع الوقت لزعامتها العالمية صناعيا وعسكريا، وبالتالي هيبتها الدولية التي تعول عليها كثيرا.

فالمظلة هذه تشكل تحديا علميا وتقنيا على المستويات كافة. فهي اشبه بمحاولة اصابة رصاصة برصاصة اخرى. ومن شأن انجاز مثل هذه الشبكة الارتقاء بالتقنية والعلم الى اعلى المراتب، وبالتالي التشجيع على البحث العلمي المتطور من اسفل السلم الى اعلاه.

وثمة فريق في واشنطن ينادي بأن سياسة الوفاق الدولية الحالية والنظام العالمي الجديد، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والدول الشيوعية الدائرة في فلكه، ينبغي ألا تؤثر في درجة التأهب والاستعداد العسكري، ولا في مستوى التقنية والعلوم العسكرية، لان منها تشتق التطورات والابتكارات الاخرى التي لها منافعها الكثيرة في التطبيقات المدنية. فالمعدات التي تطور لاغراض الحروب، عادة ما تشق طريقها في النهاية الى الميادين الحياتية بعدما تكون حفزت عمليات الاختراع والابتكار. فلولا الحرب العالمية الثانية لما بلغ الطيران المستوى الذي بلغه الآن ولا استطاع الانسان ان يشطر الذرة في مثل هذا الوقت المبكر، ولا اخترع البنسلين في حينه. وهذه امثلة قليلة من كثيرة.

ففي مثل هذا التاريخ قبل عشر سنوات، اكد ريتشارد لينور رئيس مجموعة الانظمة الالكترونية في حينه التابعة لشركة ويستنكهاوس هذا الاتجاه بقوله: «ينبغي على الادارة الاميركية تشجيع العقود الدفاعية ودعمها من اجل تعزيز تقنية المنتجات التي ليس لها أي علاقة بالمشاريع الدفاعية».

ولعل احدى مهام وكالة الفضاء والطيران الاميركية (ناسا)، بالاضافة الى الحفاظ على الزعامة الفضائية في العالم، تأكيد هيبة الولايات المتحدة العلمية وتشجيع المهندسين والنشئ الصاعد على دخول ميدان التقنيات العلمية من بابها الواسع.

وكانت جمعية الصناعات الجوية والفضائية والالكترونية الاميركية قد اسست قبل سنوات المركز القومي للتقنيات المتطورة بغية المحافظة على الزعامة الاميركية في ميدان العلوم والصناعة. واحدى مهام هذا المركز الاستراتيجية هي الوصول الى اجماع وطني لوضع مخططات علمية جبارة ذات اهداف كبرى. وكان الخبراء العسكريون الاميركيون على مدى العقد الماضي يحذرون الادارة الاميركية من غياب التحديات والمشاريع العلمية الكبيرة، كالمظلة الصاروخية المزمع انشاؤها الآن، لانها تؤثر على المستويات العلمية بشكل عام، والقوة العسكرية بشكل خاص.

ويقيس المركز القومي للتقنيات المتطورة الانف الذكر قوة الدولة، اي دولة، علميا وتقنيا اذا كانت متطورة في الميادين التالية، وهي: علوم المواد الصناعية المركبة، اجهزة التجسس والاستشعار المتطورة، تقنيات الدفع بواسطة امتصاص الهواء، تقنيات الدفع الصاروخي، الذكاء الصناعي، العلوم الكومبيوترية الحسابية وهندسة اجهزتها وبرامجها، عمليات نقل المعلومات بواسطة الالياف الضوئية، الموصلية الكهربائية الفائقة، الليزر، والخلائط المعدنية وتركيبها.

وتنادي جامعات كمعهد «ام. اي. تي» الشهير مثلا، بضرورة تنشئة الاطفال الصغار على محبة العلوم والتقنيات والانتقال من تعليم النظريات والتحليلات الى التطبيقات، مع ايجاد افراد قادرين على العمل ضمن فريق كامل متلاحم وليس كأفراد مستقلين يغني كل واحد منهم على ليلاه. لا ادري ان كان ذلك مثلا يحتذى ام لا.