أفغانستان هم عربي أيضا

TT

كعادتنا نحن العرب جلسنا نتفرج على ما يحدث في أفغانستان، واعتبرنا ما يحدث هناك همًّا، أو ورطة أميركية، واعتبرنا أن كل ما يربطنا بأفغانستان هو ذكريات مؤلمة، والحقيقة عكس ذلك. فللعرب مصلحة في استقرار أفغانستان أكثر من مصلحة أميركا؛ فالتقارير تشير إلى أن التمويل الذي يتدفق إلى أفغانستان هو من أموال منطقتنا، والسلاح من إيران، ومعظم القيادات موجودة في باكستان، والأهم من كل ذلك أن عددا لا يستهان به من المقاتلين هناك هم من العرب، سواء من السعودية أو الكويت، أو من مصر، والأردن، واليمن، وليبيا، وتونس، والسودان، وغيرهم، وهؤلاء المقاتلون شر مؤجل لا بد أن ينفجر بيننا في يوم من الأيام.

كما أن عدم استقرار أفغانستان يهدد دولة مهمة مثل باكستان النووية، وما يحدث على الحدود الباكستانية خير دليل، كذلك زيادة التطرف والمتطرفين، في باكستان التي ليس من الحكمة، أو المصلحة السياسية، أن يتم استهداف استقرارها.

فمن أجل أن لا يكون للإرهاب دولة، أو جنة يزدهر بها، فلا بد من جهد عربي فعال في أفغانستان، وأن لا تُترك حقلا للتجارب الأميركية، خصوصا ونحن نرى دعوة أميركية لقراءة تاريخ أفغانستان منذ حقبة الوجود البريطاني هناك لفهم طبيعة الأفغانيين، وكيفية التعامل معهم، وهذا ترف أميركي، بينما نحن نعرف أن أفغانستان ما هي إلا اسم لدولة منهارة منذ أكثر من ثلاثين عاما، ومرتع للتخلف، والجريمة، وتجارة المخدرات، حتى في أيام طالبان التي تدعي الالتزام بالدين، ولذا فهي دولة ليست بحاجة إلى الديموقراطية بقدر ما أنها بحاجة إلى الاستقرار، وهذا ما يجب أن يعيه الأميركيون.

فدولة بحجم العراق، الذي لا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال بأفغانستان في المجالات كافة، ما تزال تعاني من فقر في فهم الديموقراطية، حيث ما زالت الطائفية هي المتسيدة، فكيف بدولة مثل أفغانستان؟ والدليل ما آلت إليه الانتخابات الرئاسية الأفغانية الأخيرة من تزوير وغيره، بل إن رجلا مثل الملا عمر ما يزال يؤثر هناك ليس لأنه منتخب من الشعب، رغم ادعائه وجماعته اتباع مبدأ الشورى، إلا أن الحقيقة أنه يفرض سيطرته بالقوة والسلاح، وأفغانستان بحاجة إلى رجل يفرض الأمن هناك بالقوة، ودون فساد، أو تجارة مخدرات.

ولا بد أن نتذكر أنه عندما تجاهل العالم، بمن في ذلك العرب والأميركيون، أفغانستان بعد الانسحاب الروسي، ضرب العالم بأحداث 11 سبتمبر الإرهابية في أميركا، وعمليات أخرى قبلها، وكذلك بسيل من أعمال إرهابية بعدها على مستوى العالم، وخصوصا العالم العربي، وما زلنا في مواجهة مفتوحة مع الإرهاب والإرهابيين، فمن كان يُعتقد أنهم أولاد أشقياء في جبال أفغانستان، باتوا همّا مؤرّقا للدول، ولأعتى الأجهزة الأمنية.

عربيا نمتلك قوة قطع المال عن أفغانستان، وبشكل جاد وحازم، كما نملك القوة الدينية التي من شأنها تنوير الشباب، وقطع دابر الشر فقهيا، ونملك المعرفة التي تنقص الأميركيين والغرب حول كيفية التعامل مع الأفغانيين، فلا بد أن نبادر، ليس حفاظا على الأميركيين، ولكن حماية لأنفسنا وشبابنا العربي.

[email protected]