إدارة القضاء في يوم الوطن

TT

مرت إدارة القضاء في المملكة العربية السعودية، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله، بتحولات كبيرة على المستويين التنظيري والإجرائي, وأسهم القضاء السعودي بمشاركات فاعلة في المؤتمرات والندوات المتخصصة داخليا وخارجيا.

كما استطاع الجهاز القضائي في السعودية خلال عمره القصير، أن يخطو خطوات واثقة في طريق الإصلاح والتنمية. لم يكن ينقصها الرسوخ الشرعي الذي أضفى عليها سموا في الهدف، ومنحها جلالا في التنفيذ والإجراء.

ويعكس التخصص القضائي الذي يتوجه إليه القضاء السعودي الآن، مدى رسوخ وثبات الشريعة الإسلامية، وصلاحيتها لكل زمان ومكان، بشرط نجاح العاملين في حقلها، في تصميم الخطاب المناسب، وسن النظم والقوانين المواكبة لروح الزمان، والمحققة لمتطلبات الحياة المعاصرة.

ويعد دخول القضاء السعودي في عصر التقنية، وحوسبة أعماله، إجراء وتوثيقًا، ليُعد بمثابة خطاب شرعي جديد يُظهِر بجلاء قدرة المؤسسات الشرعية على الاستفادة من مختلف علوم العصر، وتطويعها في خدمة نهجها، ودعم مسيرتها وتعزيز رسالة هذا الدين التي تتشرف بحملها.

توجه القضاء السعودي إلى التقسيم الإداري المتخصص، فأنشأت المحاكم المتخصصة في مختلف المجالات، إضافة إلى تقسيم التوثيق إلى كتابات العدل الأولى والثانية. ودعم القضاء ذلك التقسيم بالنظم المصوغة بنظرة شمولية، واستشراف مستقبلي. كنظام القضاء الجديد ونظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المحاماة ونظام التسجيل العيني للعقار ونظام الرهن العقاري، إلخ.

وتحتاج الأقسام الإدارية الكثيرة، والنظم القضائية الحافلة، أجهزة إدارية متخصصة، عالية المستوى، متطورة المفاهيم. وإلى أدوات تقنية حديثة. تسهل الإجراءات، وتنجز الأعمال دون تعقيد أو تأخير. مع المحافظة على السلامة الشرعية والدقة والمصداقية في التوثيق والحكم.

وعلى هذا الأساس فإن توسع الجهاز القضائي في استخدام تطبيقات الحاسب الآلي والتقنية بصفة عامة وربط الشبكات الضخمة بين المحاكم بين كتابات العدل، لا بد أن يسبقه خطة طموحة جدا أشبة ما تكون بخطة مارشال لتأهيل العاملين في هذا القطاع على استخدامات التقنية تلك، مع التركيز على تكوين بيئة العمل السليمة التي تستفيد من الإمكانات المتاحة والدعم اللا محدود من القيادة، للوصول إلى نتائج ملموسة على مستوى أخلاقيات العمل وكفاءته. فالرفع من كفاءة العمل، وبأسلوب حضاري، يعد أمرا ملحّا تتطلبه المرحلة، إذا ما أردنا أن ننافس في عالم لا يقبل أنصاف الحلول.

ومن أهم ما يرصده المتابع لمسيرة إدارة القضاء في السعودية، وجود الإرادة السياسة القوية والصادقة في إحداث التغيير الدائم نحو الأفضل، وما يترتب على ذلك من دعم معنوي ومادي، ومؤازرة لمنسوبيه.

ولم يكن هذا الدعم وليد السنوات الأخيرة فقط بل كان ديدن القيادة السعودية، منذ عهد الملك عبد العزيز رحمه الله مرورا بأبنائه من بعده. إلى عصرنا الحاضر، في ظل قيادة الملك عبد الله الذي يتطلع دائما إلى التغيير وبنظرة استشرافية بعيدة نحو المستقبل.

إن ما تم من إنجازات في إدارة القضاء في السعودية ما هو إلا خطوة بسيطة ومتواضعة في الطريق الصحيح، ونجزم بأنة لا يرقى إلى الطموحات، إلا أن التدرج في العمل، هو الأسلوب الأمثل في التخطيط والإدارة. ولا بد في كل عمل تطويري من أن ينمو نموا طبيعيا متوازنا، في بيئة عمل صحية متكاملة ليحقق المأمول تحقيقه.

والتحدي الذي يواجه القيادة التنفيذية في أي جهاز وإدارة القضاء على وجه الخصوص، هو القدرة على فهم البيئة التي تعمل بها، وتطويع رغباتها، وتماشيها مع الأهداف العامة للجهاز، مما يمكنها من تحقيق أهداف الدولة في ظل بيئة إدارية سليمة، مع فتح قنوات التواصل مع شرائح المجتمع كافة لكسب العقول والقلوب لدعم التوجه الإصلاحي العام في البلاد، بعيدا عن الرفض، وتحقيقا لتلك الإرادة السياسية.