رأيت وجلست وتأملت هذه الشجرة!

TT

لا أدعي أنني قرأت كتاب (أصل الأنواع) للعالم الكبير داروين.. وإنما قرأته عابرا أحيانا وتلخيصا أحيانا أخرى. وعندي فكرة عن فلسفته في التطور..

وأهم ما فهمت أن الحيوان قد عاش لأنه استطاع أن يتكيف مع البيئة ـ مع الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف ومواجهة الحيوانات الأخرى والإنسان.. وعندي صورة بسيطة جدا صادفتها في غابات ولاية كيرالا في الهند.. هذه الصورة لا أنساها وقد استخدمتها اجتماعيا وأخلاقيا..

رأيت عند أطراف الغابة شجرة واقفة وحدها.. شكلها أدهشني أفزعني أثارني. جلست أتأمل الشجرة: شكلها غريب. فبعض فروعها تمتد بالعرض ثم تعود رأسيا ثم عرضيا ثم رأسيا. كيف؟ وما المعني؟

المعني الذي اهتديت إليه بعد تفكير هو أن هذه الشجرة عندما نمت اصطدمت بشجرة كبيرة فبدلا من أن يقف نموها اتخذت شكلا آخر واتجاها آخر. ولما مضى عليها بعض الوقت وحاولت أن تستقيم اصطدمت بفروع شجرة أخرى فكان لا بد أن تلتوي والتوت. ثم امتدت واصطدمت بشجرة أخرى.. وقطعت كل الأشجار حولها.. ولسبب ما لم يقطعوا هذه الشجرة فبقيت على هذه الصورة علامة استفهام وتعجب حتى رأيتها..

والمعني: أن هذه الشجرة نموذج بسيط لمحاولة التكيف مع الظروف..

فكل الأشجار وكل الحيوانات صغيرها وكبيرها تفعل ذلك من أجل أن تعيش.. تهرب من الحر إلى البرد ومن البرد إلى الحر.. ومن السفح إلى القمة.. كذلك تفعل الطيور والأسماك من ملايين السنين. كذلك فعل الإنسان.. وفي الحياة الاجتماعية والأخلاقية تلتوي سلوكيات الناس. والسبب: الظروف البيئية وتكوين الإنسان..

ويختلف العلماء: أناس يقولون إنها الظروف وحدها هي «خالقة كل شيء.. وأناس يقولون بل الإنسان: عقله وإرادته ودينه..

وعلماء يرون أن التفاعل بين البيئة والقيم الأخلاقية والاجتماعية هو الذي يشكل سلوكيات الإنسان..

في كل مراحل التاريخ: البقاء للأقدر على التكيف والتواؤم والانسجام.. ولا بد أن هناك أفكارا أهم وأخطر، ولكن هذا كل ما اهتديت إليه من هذا المذهب الفلسفي في تطور الحيوان والإنسان!