لا بد من الكذب أحيانا

TT

جاء في خبر قرأته أن خمسة أطفال أكبرهم في الثانية عشرة وأصغرهم في الرابعة من عمره، تحصّنوا داخل منزلهم في (ايداهو) ـ شمال غربي الولايات المتحدة الأمريكية ـ وفي أيديهم بعض الأسلحة، رافضين الاستسلام، وحاصرتهم الشرطة لمدة خمسة أيام بلياليها، وآثرت عدم اقتحام المنزل، خصوصا بعد أن أصيب بعض أفرادها بعدة طلقات من الأسلحة النارية التي في أيدي الأطفال.

وكانت شروط أو مطالب الأطفال هي: عودة والدتهم المصابة بمرض عقلي، والتي أخذتها الجهات الرسمية عنوة, وجرجروها أمامهم، وهي تصيح وتستنجد بهم، وأودعوها في إحدى المصحات العقلية.

بعدها رضخت الشرطة لمطالبهم وأعادت لهم أمهم.

وتضاربت الأقوال والتكهنات حول دوافع ونزعات هؤلاء الأطفال الشرسين، غير أنهم أجمعوا تقريبا، على التأثير الوراثي العقلي من الأم على أبنائها، إلى درجة أنهم فكروا أن يودعوهم معها في المصحة العقلية.

* * *

يقول أرسطو: إن أي إنسان يمكن أن (يغضب) ـ وهو أمر سهل ـ ولكن يجب على الإنسان العاقل أن يغضب من الشخص المناسب، وفي الوقت المناسب، وللغرض المناسب، وبالطريقة المناسبة ـ وهنا تكمن الصعوبة ـ فعلا إنها مهمة شاقة.

فما أكثر الأشخاص الذين غضبت منهم، ولكنهم جميعا كانوا للأسف (غير مناسبين)، وانقلب غضبي عليهم في النهاية إلى وبالٍ عليّ، فالتيس ـ منطقيا ـ لا يستطيع أن يناطح الجبل.

* * *

في دراسة ميدانية اتضح أن 91% من الأمريكيين يكذبون بانتظام في حياتهم اليومية، وأن نصف هؤلاء لا يشعرون بالخجل أو تأنيب الضمير بسبب أكاذيبهم المستمرة، بل إن بعضهم أكدوا أنهم لا يستطيعون الكف عن الكذب ولو ليوم واحد فقط!

وأكدت بيرنس كينار مؤلفة كتاب «الأكاذيب التي قالها لي والدي» أن مهنًا معينة يعرف عن أصحابها أنهم كاذبون، لكن المجتمع يتقبلهم ويحيطهم بكل احترام.

وأضافت المؤلفة أن الآباء يكذبون على أبنائهم في الوقت الذي ينهونهم فيه عن الكذب!

واعترفت الكاتبة أنها تكذب على أبنائها طوال الوقت!

وأنا بدوري أعترف أنني في كل مقال أكتبه، لا بد وأن (أملّحه) ببعض (الكذيبات) التي لا تضر، والخفيفة على الهضم كذلك.