في معركة اليونسكو.. «جوبلز» يتحسّس مسدسه!

TT

خسر فاروق حسني معركة اليونسكو، في معركة هي الأشرس في تاريخ انتخابات المنظمة، لتتأرجح التحليلات بين قائل بنظرية المؤامرة كما ردد الكثيرون، وبين مقر بخلل علاقتنا كعرب بهذه المنظمة، وقصورنا عن إدراك خطورة أجندات بعض الأطراف التي ترى أن الهيمنة على العالم لها بوابة واحدة هي بوابة الثقافة، وأنك إذا أردت أن تسيطر على العالم فسيطر عليه ثقافياً قبل كل شيء.

ومن أفضل ما قرأت وسط تباينات تحليل خسارة فاروق حسني مقال كتبه الدكتور محمد الرميحي في صحيفة الأوان الكويتية بعنوان «حتى لو كان غير فاروق»، أوضح فيه بعض جوانب القصور في ما يتصل بعلاقة العرب بهذه المؤسسة الثقافية الدولية. مشيرا إلى أنهم ــ أي الحكومات العربية ــ يرسلون إليها في الأغلب الأعم، مندوبين على قائمة الموظفين أو قائمة السياسيين المراد إبعادهم، ونادراً ما يُرسل إليها، كممثلين، أشخاص لهم دراية بالجوانب الثلاثة: السياسة، والثقافة، والمعرفة بلغة المنظمة (الفرنسية) معرفة دقيقة، وبالتالي صعوبة أن يشكل هؤلاء ــ أي المندوبون ــ حضورا لافتا أمام حيتان هذه المنظمة الكبرى!

وليس ثمة مفاجأة في ما قاله الوزير فاروق حسني عند عودته إلى القاهرة من أن السفير الأميركي ــ وهو من الحيتان الكبيرة ــ كان يتصرف بقوة، وبكل ما يمكنه من إمكانات لمنعه من الفوز، فللولايات المتحدة حساسيتها الخاصة تجاه منصب المدير العام لليونسكو، تنطلق من انحيازها للثقافة الأحادية التي تريد فرضها على العالم. ولذا فهي تنظر لكرسي المدير العام في المنظمة نظرة بالغة التوتر، ولا تتردد في الانسحاب من المنظمة إن سارت الرياح بما لا تشتهي سفنها، كما حدث في عهد أشهر مدير عام في تاريخ اليونسكو الدكتور أحمد مختار أمبو، حينما حاول الرجل أن يوجد لكل الثقافات فضاء لها في المنظمة، هادفا إلى إزالة الفجوة بين الثقافات التي تزعم بأنها متفوقة وبين الثقافات الأخرى، باعتبار أن كل الثقافات متساوية في الاحترام، ووقوفها في وجه فاروق حسني يهدف إلى منع قدوم أحمد مختار أمبو آخر يذكرها بالتعددية الثقافية، وضرورة احترامها، فساذج من يظن أن كلمة «الثقافة» لا توتر سوى «جوبلز» وحده، وتدعه يتحسس مسدسه.

[email protected]