إيران ما بعد قم

TT

هناك قلق حول ما الذي ستسير عليه الأمور الآن بعد الإعلان عن منشأة نووية جديدة بقاعدة عسكرية في مدينة قم، وهو قلق نابع من توقيت الكشف عن المنشأة، وكيف سيكون الرد الدولي، وما الذي تخفيه إيران أكثر في الملف النووي، وما هي خطط طهران للرد على أي موقف غربي؟

ومن الواضح الآن أن عملية الكشف عن موقع قم تعني أن المفاوضات قد بدأت فعليا بين إيران والغرب، وإن كان من المقرر لها أن تنطلق بعد أسبوع من الآن، فالغرب كان على علم من خلال أجهزة استخباراته بالمنشأة الإيرانية الجديدة، لكنه قرر إرجاء الكشف عنها من أجل ضرب مصداقية إيران، ومعرفة المزيد، وبالتالي الضغط عليها في المفاوضات، بينما قررت إيران الكشف عن المنشأة بنفسها عندما أدركت انفضاح أمرها في عملية استباقية، لكنها متأخرة، مما جعل طهران تبدو أكثر ضعفا، وليس شفافية كما يحاول البعض القول.

فالنظام الإيراني ضعيف داخليا، حيث باتت شرعيته منقوصة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي قادت إلى انقلاب صامت جاء بنجاد والعسكر على حساب الإصلاحيين والمرشد على حد سواء، حيث لم يعد لدى المرشد إلا مسايرة الحرس الثوري، ولذلك فإن التفاوض مع طهران وهي بهذا الضعف يعد عملا خطرا، إذ قد يلجأ النظام إلى خطوات تتسم بالمغامرة من أجل الهروب إلى الأمام، حيث أنه بات واقعا تحت ضغوط داخلية وخارجية كبيرة.

كل ذلك يبرر القلق العربي الحالي من إيران، وما قد تقوم به، خصوصا أنه قد سبق لطهران أن صرحت بأنها مستعدة للتفاوض مع الغرب حول الأوضاع في المنطقة من فلسطين إلى لبنان والعراق وأفغانستان، بدلا من التفاوض على الملف النووي، وقد لا تتوانى إيران عن استخدام المنطقة من أجل محاولة مواجهة الضغوط الخارجية والداخلية، وبالطبع، وقبل كل شيء الهروب من مأزق الضغوط الغربية، أو لقطع الطريق على إسرائيل التي قد تقوم بضربة عسكرية خاطفة على المنشآت النووية الإيرانية.

وهذا يعني أننا مطالبون بمراقبة ما سيقوم به حزب الله، على اعتبار أنه العميل الأكثر تبعية وولاء لطهران بالمنطقة، فقد يسعى الحزب إلى تسخين جبهة لبنان لتخفيف الضغوط الغربية أو الإسرائيلية على إيران، ومن السهل رصد حزب الله في قادم الأيام وتحديدا في عملية تشكيل الحكومة اللبنانية، خصوصا أن الأيام القادمة قد تشهد «نقلة» في العلاقات السعودية ـ السورية، التي حظيت تغطيتها بردود فعل غريبة على المواقع المحسوبة على حزب الله.

أما بالنسبة لحماس فمن المهم التنبه لتصريح منسوب للحركة، وفيه كثير من التذاكي، حيث تقول حماس إن مصر باتت أكثر حيادية، واقتربت من تحقيق مصالحة فلسطينية! وهذا يؤكد ما ذكرته الأسبوع الماضي في مقال «حلفاء إيران على كف عفريت» عن أن قياديا كبيرا في حماس قال لمسؤول عربي التقاه أثناء أداء العمرة إنه حريص على مصر والسعودية أكثر من أي دولة أخرى، ومستعد للمصالحة مع أبو مازن!

[email protected]