رقص و«بسط» وهز وسط!

TT

بعض القنوات الفضائية كان عيدها مفرطا على الآخر: جلسات طرب، ورقص، ورجال «يطقّون» رقابهم، ويهزون الوسط والأرداف، وأكفهم تطوّف بـ«المسابح»، وإذا فهمنا الغناء، فنحن عاجزون عن فهم «طق» الرجال للرقاب، وهز الوسط والأرداف، وعاجزون أكثر عن تفسير زج «المسابح» التي ارتبطت بالتسبيح والذكر والاستغفار والحمد والتهليل في أجواء «نصف كم» كهذه.

نحن لسنا مع من يحاول مصادرة أفراح الناس في العيد، وتضييق حرياتهم، لكننا لا نتخندق أيضا مع أولئك الذين يحاولون توسيع رقعة الاحتفالية إلى الدرجة التي ينغمس خلالها الرجال في نوع من الرقص «المايع» الذي لو أدته امرأة في حضرة النساء لربما وجدت من يستنكر رقصها، فما بالكم أيضا بحمل المسابح، وتحريكها بالأصابع يمنة ويسرى على أنغام الموسيقى.

كان أحد الصغار في المنزل يقلب قنوات التلفاز، حينما توقف عند أحد العروض المنغمسة في الرقص بالمسابح ليسألني:

ـ ما هذا؟

قلت: سأخبرك يا صغيرنا حينما تكبر عن «هذا»، فمن مصلحتك أن لا نحشو ذهنك الصغير ببعض شوائب عصرنا وسقطاته.

وهز الصغير رأسه في غير اقتناع، ومضى يقلب القنوات حتى استقر على قناة رسوم متحركة، فسارعت إلى سؤاله:

ـ ما هذا؟

فأجاب دون تردد:

ـ سأخبرك إذا ما عدت طفلا، فليس من مصلحتك أن تحشو ذهنك الكبير باهتمامات الصغار.

في العيد كان التلفاز يعرض رقصات: العرضة والمزمار والمجرور وغيرها من الرقصات الرجولية، وتغير الزمن، وكثرت القنوات، واختلطت الأجواء، وتغير كل شيء.

في القديم كان ثمة مثل يقول: «من رقص نقص»، وهم بطبيعة الحال يستثنون الرقصات التراثية الرجولية، وأما ما عداها فثمة نظرة اجتماعية حادة تلاحق من يتمرد على هذا الإطار، وهذا ليس وقفا علينا، ففي الكثير من الثقافات العالمية ثمة حركات راقصة خاصة بالنساء، وأخرى بالرجال، وتبقى قضية استحضار المسابح في حلبة هذا النوع من الرقص عاجزة عن التقبل والفهم والهضم، لعل أولئك الراقصين يستشعرون الذنب فيحملون مسابحهم للإسراع بالاستغفار، لعلهم.

وحسبنا الله.

[email protected]