تشجيع العامة وبخاصة الشباب للاهتمام بالعلوم وتقدير جهود العلماء أصبح ضرورة مهمة في العصر الحالي، لهذا تسعى الدول المتقدمة الآن وبالوسائل والأساليب غير التقليدية بكافة وبعيدا عن مقاعد الدراسة في المدارس والجامعات، لجعل العلوم والتكنولوجيا متاحة للجميع وبخاصة في أماكن تجمعات الأفراد والشباب وعامة الجماهير، ومن بين هذه الأساليب الآخذة في الانتشار، ما يسمى بمقاهي العلوم، فبإمكان محبي العلوم الآن الجلوس على المقاهي لتناول مشروباتهم المفضلة والاستمتاع بندوة أو محاضرة علمية يلقيها كاتب علمي أو عالم في العلوم ومحاورتهم وسؤالهم وجها لوجه عما يودون معرفته وبخاصة حول العلوم والقضايا العلمية الحديثة المثارة ومحل النقاش التي تهم عامة الجماهير كالنانوتكنولوجي (التقنيات متناهية الصغر) والاحتباس الحراري والتوعية بالأمراض المستحدثة كإنفلونزا الخنازير مثلا.
ومقهى العلوم «ساينس كافيه» Science Cafe، عبارة عن منتدى علمي مجاني لربط العلم بالمجتمع ونشر العلوم بين محبيها وعلى مدار الشهر، يعقد في عدد من المقاهي الشهيرة التي يرتادها أعداد كبيرة من الجماهير وبخاصة الشباب، وبالتعاون مع بعض الجامعات والمؤسسات والمراكز العلمية والبحثية، ويتم الإعلان عنها بوسائل الإعلام المختلفة، وفي هذه المقاهي يتم لقاءات مباشرة بين العامة والعلماء لمناقشة أهم العلوم والقضايا العلمية التي ستغير حياتنا في الحاضر والمستقبل، والاستماع إلى آراء الجمهور التي قد تكون مفيدة في وضع السياسات العلمية في الدولة، ومن بين العناصر المهمة في مقهى العلوم، أن يكون الموضوع العلمي مثيرا وجذابا ويهم عامة الجماهير، وأن يهدف المتحدث لإمداد المستمعين بمعلومات كافية تثير تساؤلات عديدة وتشجع على الحوار والمناقشة، وأن يتخلل الحديث استراحة لتناول المشروبات وتسمح للجمهور بالمناقشات بعضهم مع بعض.
ويذكر أن أول «مقهى علمي» تم تأسيسه في بريطانيا على يد دونكان دالاس Duncan Dallas، في ليدز البريطانية عام 1998، ثم انتشرت في العديد من المدن البريطانية، وإلى الولايات المتحدة، وللتعرف على المزيد حول «مقاهي العلوم» وكيفية تأسيسها، يمكن الدخول على شبكة الإنترنت على المواقع: www.cafescientifique.org
www.cafe-sci.org.uk
www.sciencecafes.org
خلاصة القول، أنه مع التطورات والقضايا العلمية والتكنولوجية الحديثة والمتسارعة، لم يعد العلم قاصرا فقط على العلماء والمتخصصين، فقد أصبح التواصل مع العلم والعلماء وتقدير جهودهم ونقل العلوم من معامل الأبحاث إلى عامة الجماهير وأوساط الشباب، وبالمجان في أي زمان ومكان وبعيدا عن قيود ومقاعد الدراسة، من المطالب والقضايا الملحة والأهداف والرسائل المهمة للعلماء والكتاب العلميين، ويعد مشروع «مقاهي العلوم» إحدى الأفكار المهمة والأساليب الفعالة لتحقيق الاتصال في العلم والتكنولوجيا، وبخاصة مع انتشار وتزايد المقاهي في عالمنا العربي.
* كاتبة وباحثة مصرية
في الشؤون العلمية