أوباما.. نهاية شهر العسل

TT

كانت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقى فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابه، فرصةً انتهزتها الصحافة الأميركية لتقديم جردة للوعود التي أطلقها خلال 8 أشهر في البيت الأبيض، وخلال الحملة الانتخابية والتي أدت بدون شك إلى بناء جسور بين الولايات المتحدة ورأي عالمي متشكك بعد 8 سنوات من عهد إدارة بوش.

وكان الانطباع الغالب في هذه الجردة أن الكثير من هذه الوعود اصطدم بالحقائق وعقبات على الأرض وتوازنات القوى ومناورات السياسة الدولية التي تطغى عليها المصالح، بما أدى بالإدارة الجديدة إلى مراجعات من الشرق الأوسط إلى كوريا الشمالية وأفغانستان، وحتى قضية إغلاق معتقل غوانتانامو في ضوء الصعوبات التي واجهت إيجاد بدائل لنقل المعتقلين إليها.. بعبارة أخرى فقد انتهى شهر العسل الذي ألهب خيال العالم ورافقته توقعات عالية، واعترف حتى مسؤولون في الإدارة مثل سفيرة الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بأنه كان هناك إفراط فيها. وأدت العقبات التي برزت في مسار تقليل فجوة المواقف بين الجانبين العربي والفلسطيني تمهيدا لإطلاق المفاوضات إلى التأجيل كما ظهر فيما أعلن سابقا عن رؤيتها لعملية السلام في اجتماعات الجمعية العامة، بينما واجهت سياسة فتح الحوار مع إيران تصلبا في الملف النووي حتى الآن من جانب طهران، ولا يبدو أن النقاش هناك قد حسم في اتجاه معين، ونفس الحال ينطبق على أفغانستان التي حذر قائد القوات الأميركية من خسارة المعركة هناك إذا لم تجرِ زيادة عدد القوات، بينما تسربت تفاصيل عن اتجاه تفكير آخر نحو تقليص التواجد والتركيز على محاربة القاعدة.

وقد يكون من سوء حظ هذه الإدارة أنها جاءت في وقت صعب.. مشاكل متراكمة خارجيا، وبؤر مشتعلة اقتربت من حد الانفجار سواء في الشرق الأوسط، أو في آسيا (مشكلة القدرات النووية الكورية الشمالية) أو على صعيد الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي واجهتها هذه الإدارة من اليوم الأول، إضافة إلى النقاش الداخلي حول التأمين الصحي.

لكن أيضا كانت التوقعات والمراهنات على تقدم سريع في حل في قضايا تعقدت وتشابكت على مدار عقود فيه قدر من عدم الواقعية، وإغفال للحقائق على الأرض، وتجاهل لقدرات وتأثير الأطراف المحلية ونواياها في توجيه مسار الأزمة نحو الانفراج أو التعقد أكثر.

أيضا ليس معنى هذه الصعوبات والعراقيل، أنه لا أمل في الأفق، أو العودة إلى نغمة اليأس من أن يحدث تغيير مع هذه الإدارة، فهي رغم الـ 8 أشهر ما زال لديها زخم الإدارة الجديدة، وأوباما لا يزال يتمتع بشعبية قوية داخل وخارج الولايات المتحدة تمنح جهود إدارته ثقلا ومشروعية في تحركها الدولي. والمرجح أن تشهد الفترة المقبلة مراجعات بشأن التوجهات والأسلوب الذي تم به التوجه نحو فتح ملفات الأزمات الخارجية. وقد يكون الأهم في الفترة المقبلة أن يكون هناك تحرك أقوى من الأطراف الأخرى في المساهمة في حلول والمساعدة فيها، فما قاله الرئيس الأميركي في الأمم المتحدة عن أن الولايات المتحدة لا تستطيع وحدها حل مشاكل العالم صحيح.