لا أعرف.. إذن أنا موجود!

TT

في دراسة للأديبة الإيطالية الألمانية: سينا روصنم وجدت أن أكثر العبارات تكرارا في كتاباتي المبكرة: لا أعرف.. وفي كتاباتي المتأخرة: لا أعرف!

والحقيقة أنني لا أعرف لماذا ومن أين وكيف تسللت هذه العبارة إلى كل ما كتبت. وأنا صغير معناها: أنني فعلا لا أعرف إلا القليل. ولذلك لا أستطيع أو لا ينبغي القطع أو الفصل لأنني لا أعرف. ولما كبرت وعرفت قلت: لا أعرف.. لأن الذي لا أعرفه هو أضعاف أضعاف ما أعرف. فأنا لا أعرف إلا القليل.. ولما درست الفلسفة قلت لا أعرف. أي لا أعرف أيهما الأصح أو أيهما الصحيح. فقد تقاربت الأفكار وأصبح من الصعب أن أختار وأن أفضّل بين النظريات والمذاهب الفلسفية والدينية..

وفسرت الأديبة الإيطالية الألمانية هذه العبارة في الكتابات المتأخرة بمعني: لست على يقين من هذا.. أو لست متأكدا وأن هذه العبارة أكبر دليل على مرحلة الشك التي أغرقتني سنوات طويلة والتي أرهقتني عقليا ونفسيا. فلم أجد الراحة التي ينعم بها أصحاب اليقين.. أي الذين امتلأت حياتهم بالبديهيات. مثل 2+2=4، ولكني لست على يقين من صحة هذه المعادلة. وهذا رأي كبار علماء الرياضيات والفلك والفلسفة.

فلا يوجد رقم صحيح. ولذلك كل البديهيات العلمية على الأرقام (الصحيحة) لا يمكن أن تكون صحيحة!

وإذا انتقلنا من الرياضيات إلى الفلسفة أصبحت لا أعرف.. فالتفسيرات كثيرة والتخريفات أيضا. وأصبح من الصعب أن نقطع، أن نقول كلاما مؤكدا..

هل مرضت بسبب عدم اليقين وضرورة التفكير والتشكك في كل شيء.. حتى في دلالة الألفاظ التي أستخدمها؟ نعم. إن هذه العبارات ليست دقيقة. فإذا كانت الرياضيات غير يقينية وغير مؤكدة فما بالنا بالألفاظ وهي وسيلتنا في التعبير عن الذي نعرفه والذي لا نعرفه..

وهي أطول مراحل حياتي: عذاب وأرق وقلق ودوخة. والكون أيضا. فأنا لا أعرف إذن أنا موجود!