العلاج خير من الوقاية!

TT

عودة من جديد لموضوع الساعة وتحديدا التعاطي مع أزمة إنفلونزا الخنازير. فالآن وبعد إزالة الغموض عن مواعيد بدايات المواسم الدراسية والمواعيد التقريبية لوصول لقاحات المرض وأسلوب تناول اللقاح ومع ازدياد نسبة الوعي المتعلقة بالتعامل مع المرض سواء كوقاية أو علاج والانحسار الواضح في حدة تعاطي الأخبار المتعلقة بالمرض، يبقى هاجس اللقاح والأعراض الجانبية المتوقعة منه مسألة مؤرقة ومخيفة للكثيرين وخصوصا مع ازدياد الأخبار عن «الآثار» التي نتجت عن بعض تجارب التطعيم في بعض الدول التي قامت بذلك، وكذلك مع تداول الأخبار عن قرارات بريطانيا وفرنسا المتحفظة والممتنعة عن تناول اللقاح والاعتماد في المقام الأول على فكرة العلاج الذي حقق نتائج جيدة ومهمة. وهذه فكرة جيدة؛ فمبدأ التوسع في توفير العقار المقاوم والمعالج بشكل واسع ومقنن مطلوب لأنه مع الحذر الآتي والمتوقع من تعاطي المصل ستحدث حالات إصابة، وبالتالي من الأفضل توسيع جاهزية العلاج وتطويره وخصوصا أن هناك خبرة وتجارب لافتة ومهمة في علاج المرض حدثت للعيادات والمستشفيات والممرضات والأطباء، وبالتالي عرفت الوسائل الأكثر فعالية وتأثيرا ومن الممكن بالتالي تطوير وسائل العلاج المستخدمة.

الانجراف وراء تجهيز الناس والمدارس للتعاطي مع مصل اللقاح الخاص بالمرض مسألة مطلوبة ومهمة، ولكنها حتما يجب ألا تكون على حساب توفير العلاج المناسب والمكان المناسب والتجهيزات المناسبة للتعاطي مع الحالات المصابة. الدول الصناعية على أغلبها نجحت في «تحجيم» المرض بالشكل اللائق برسم خط إعلامي عقلاني وإعداد بيئة تحتية قوية للتعاطي مع الحالات المصابة في المستشفيات وفي المنازل وفي المدارس، بعيدا عن العاطفية المبالغ فيها والدراما المزعجة. هناك حالات وفاة لا تزال تحدث وموجودة، ولكن فعالية العلاج المبكر تبقى أقوى وسيلة للتعاطي مع المرض هذا وإزالة فزاعة الغموض والذعر عنه، مع وجوب عدم التقليل من خطورة وفداحة النتائج فيما إذا ترك دون علاج وتدخل طبي حاسم. وبنفس الخط القوي الذي تتبناه الدول في توفير أكبر عدد ممكن من اللقاحات الواقية مطلوب أن تكون هناك سياسة لا تقل قوة وجرأة تتعلق بتوفير أعداد كبيرة من عقار علاج الفيروس ونشره في كافة المدن والقرى بعيدا عن العواصم والمدن الرئيسية فقط. دخول موسم الشتاء واقتراب موسم الحج وطبعا انطلاق الموسم الدراسي من شأنه أن يزيد «احتمالية»، وبالتالي «منطقية» إصابة الناس بأعداد متزايدة من هذا الفيروس، ولكن التعاطي مع الإصابة مطلوب أن يكون عقلانيا جدا وبدون أدنى مبالغة ومعدلات العلاج وفعاليتها محليا وإقليميا وعالميا تبشر بالخير وفي تحسن وتصاعد مستمر. اللقاح عالم مجهول وغير مجرب والعلاج أثبت فعالية ممتازة والتركيز على زيادة جرعات العلاج مسألة ضرورية حتى لا تغيب في دوامة الحديث «الدرامي» عن اللقاح المنتظر وأبعاده العاطفية التي تأتي معه. التعاطي مع تحدي إنفلونزا الخنازير بعقل وحكمة وتنظيم من شأنه أن يحول هذا التحدي إلى قصة نجاح تحكى بفخر بدلا من أساطير وقصص مرعبة تصاحبه الآن بشكل مخجل وغير قابل للتصديق.

[email protected]