ليس الشيوعي.. ولكنه الذي شتمك!

TT

استعجلني الرئيس السادات للقاء مع رئيس الوزراء ممدوح سالم. ولم أعهد في الرئيس هذا السلوك فهو عادة هادئ رزين.. إلا هذه المرة. فنزلت بسرعة. وعلى سلم مجلس الوزراء اكتشفت أنني نسيت ارتداء الجزمة. وكان من الممكن أن أجد أي عذر كأن أقول إن رجلي توجعني. وإن الحذاء ضيق. ولكني عدت إلى البيت. ومن عاداتي ألا ألف الكرافتة حول عنقي. ولم أجد حرجا في أن أقابل الرؤساء كذلك. ولم يسألني أحد لماذا. فأنا أضيق بالكرافتة ولست في حاجة إلى مزيد من الاختناق. يكفي جدا ما نعانيه نفسيا.

وفي إحدى المرات كان موعدي مع الرئيس في قصر عابدين. وفي ذلك اليوم كان الرئيس يتلقى أوراق اعتماد عشرة من السفراء الجدد. وبعد ذلك جلست إلى الرئيس نكمل حديثا مسجلا. فقلت للرئيس: يا ريس أنا آسف فلم ألبس الكرافتة..

فضحك وقال: يا أخي تعال بالجلابية.. بس البس الحذاء من لون واحد!

واندهشت كيف لاحظ الرئيس ذلك بسرعة وأنا لم أتبين بوضوح الفرق بين حذاء أسود وحذاء بني غامق. غلطة. ولم ينسها الرئيس. بل رواها لعدد من ضيوفه مادة للضحك!

ويوم فزت بجائزة الدولة التشجيعية سنة 1962 كانت العادة أن نتسلمها من الرئيس جمال عبد الناصر. وكان يقف إلى جوار الرئيس الأستاذ يوسف السباعي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة. وكان اسمه في ذلك الوقت (المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون). وكنا نسميه المجلس الأعلى لرعاع الآداب والفنون..

وبعد أن صافحنا الرئيس سأل يوسف السباعي: هل هذا أنيس الشيوعي؟ فقال يوسف السباعي ضاحكا: الشيوعي اسمه عبد العظيم أنيس.. ولكن هذا هو الذي شتم سيادتك فشردته. وضحك الرئيس وقال: أنا ظننته من القوات المسلحة!

فقد قام الحلاق بقص شعري على درجة (زيرو) ولا أعرف لماذا، ولكن لا بد أنه سألني وأنا أقرأ الصحف فقلت: اوكي.. دون أن أعرف ماذا قال..

وبعد أن فرغ الرئيس من توزيع الجوائز، جاءتني ورقة من يوسف السباعي تقول: الرئيس لما شاف الحلاقة المسخرة بتاعتك كان في نيته يشردك مرة ثانية!