حلم الملك زوسر أم نبوءة سيدنا يوسف؟

TT

هل تذكرون الحلم العجيب الذي رواه ملك مصر لسيدنا يوسف عليه السلام»..: «وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ» (يوسف43). وفسر سيدنا يوسف الحلم بأن مصر ستمر بسنوات مجاعة تمتد سبع سنوات متتالية..؟ والتي جاء ذكرها في القرآن الكريم؟

لقد تحققت نبوءة يوسف فيما يبدو.. بعد أن عثر العلماء على ضفاف نهر النيل ووسط جزيرة سهيل التي تقع إلى الجنوب من محافظة أسوان، آخر محافظات مصر الجنوبية، على نقش فرعوني على صخرة كبيرة، وقد حاز هذا النقش شهرة واسعة بين علماء المصريات لأكثر من سبب».

وقد كشف عن هذه اللوحة ويلبور، ويؤرخ النص المكتوب بعصر الملك بطليموس الثاني» ثاني ملوك البطالمة الذين حكموا بعد دخول الإسكندر الأكبر مصر (332 ق.م ).

وتحكى اللوحة قصة مجاعة حدثت في عهد الملك زوسر» أول ملوك الأسرة الثالثة من الدولة القديمة (2649 ق.م) وقد حدثت هذه المجاعة نتيجة انخفاض مياه النيل وانحسار الفيضان لمدة سبع سنوات متتالية، فاشتد الضيق بالملك وساءت أحوال البلاد، وأرسل الملك يطلب من رئيس الكهنة أن يتقص الأمر لعله يجد حلا لهذه المشكلة.

بعدها وصل الملك تقرير يؤكد أن قرية «آبو» (وهى منطقة أسوان حاليا) هي التي تتحكم في تدفق مياه النيل، وتروي القصة: أن الملك «زوسر» رأى في منامه الإله «خنوم» إله منطقة إلفنتين (أسوان) الذي جاءه ليذكره بقوته وسيطرته على مياه النيل ومنابعه. ولما استيقظ الملك «زوسر» من نومه أدرك أن «خنوم» هو المتحكم في منابع النيل، وعليه أن يسترضيه فأوقف على عبادته ومعبده مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة وأمر بتقديم القرابين اللازمة له.

وقد اتجه الباحثون في شأن هذه اللوحة في طريقين:

رأي اعتقد أصحابه، ومنهم العالم الفرنسي الشهير جاستون ماسبيرو أن القصة بحذافيرها ابتدعها كهنة «خنوم» في منطقة إلفنتين .

رأى ثان يرى أصحابه، أن القصة أصلا قديمة، وأن الأسلوب الذي كُتبت به اللوحة في عصر البطالمة لا يخلو من تعبيرات الدولة القديمة ذاتها؛ ولذلك يعتقد بل ويؤمن أن للقصة أصلا قديما كان مكتوبا على الحجر أو غير الحجر، ولكنه تعرض للتلف بمرور الزمن..

ولا يزال هذا التفسير هو المقبول حتى الآن بين علماء المصريات.. فأسلوب الكتابة يؤكد وجود متن قديم ربما من عصر الملك «زوسر» لهذه اللوحة..

وما يهمنا هنا هو أن البعض حاول التقريب بين قصة المجاعة التي استمرت سبع سنوات أيام الملك «زوسر» وبين قصة سيدنا يوسف «عليه السلام» والذي شهد في مصر سبعة أعوام من الخير والفيض أعقبتها سبعة عجاف واستطاع أن يعبر بالبلاد إلى بر الآمان بما أخذه من احتياطات وترتيبات..