بارقة أمل في إيران

TT

مع أن الجميع يتحدثون بحذر بعد اللقاء الأخير بين إيران والمجموعة الدولية التي تفاوضها، إلا أننا رصدنا إشارات مهمة تعطي لأول مرة أملا في التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة التي وصلت إلى مرحلة مفصلية. الإيرانيون، وفق ما أذيع، قدموا لأول مرة تنازلات مهمة بالموافقة على أن يخصبوا اليورانيوم في خارج إيران، الاقتراح الذي طرحه السعوديون في مطلع العام ورفضته طهران. التخصيب الخارجي يؤمن لهم الوقود الذي يحتاجون إليه ويقطع الشك في أن إيران لم تعد تنتج وقودا نوويا خارج إشراف الوكالة الدولية.

إنما هل هي حيلة جديدة لتبديد الوقت بعد سنوات من المراوغة، أم أن إيران أدركت بعد فضح الموقع النووي السري في قم أن الدول المعنية صارت أكثر عزما على معاقبة إيران؟

نريد ان نقرأ الأحداث بمنطق عقلي، لكن هذا التفكير العقلاني اثبت فشله مرات عديدة في الماضي، سواء مع إيران او العراق في السابق او غيرها. كل المعطيات التي تقف أمامنا اليوم تؤكد على أن إيران، ما لم تتعاون دوليا ستنتهي نهاية صدام؛ مقاطعة اقتصادية مؤلمة ثم معركة عسكرية مكلفة للنظام. لكن التاريخ الحديث جدا أوضح أن البعض لا يتعلم من دروس الهزيمة.

الأمل أن ما أظهره المفاوضون الإيرانيون من مرونة سيؤدي الى نهاية الخلاف، وبالتالي تجنب الصدام الذي اعتقد انه أمر محتوم إن لم تتخل طهران عن مشروعها النووي العسكري.

والدافع الآخر الذي قد يكون وراء التنازل الإيراني المفاجئ، إن كان بالفعل تنازلا جادا، هو الوضع الإيراني الداخلي الذي قلب حسابات القيادة في طهران. فالقيادة الإيرانية كانت تقول في السابق، وعن حق، إنها ماضية في مشروعها النووي ووراءها الشعب الإيراني يقف موحدا. اليوم لا يستطيع الرئيس الإيراني احمدي نجاد ان يزعم اي شعبية لأي مشروع يوقع عليه اسمه. وفي ظل الانقسام الخطير في القيادة والشارع الإيرانيين، فإن اي معركة مستقبلية تحدث سواء كانت حصارا اقتصاديا او معركة عسكرية فسيلقي المواطن الإيراني باللوم عليه هو.

أعود للتذكير بأن هذا المنطق هو في حال لو كانت طهران تحسب الأمور بموضوعية، مما يعني أن الأفضل لها ان تتنازل اليوم وتوقع على اتفاق يمنحها بعض المنافع الاقتصادية الموعودة لها ويحقق لها أيضا إنهاء المقاطعة التي أرهقت إيران ثلاثين عاما، وبالتالي تكون خسرت قنبلتها النووية، وفي الوقت نفسه كسبت مغانم ليست بالقليلة من وراء الأزمة.

أميل إلى هذه القراءة، خاصة بسبب الوضع الداخلي في إيران الذي سمعت من احد الذين التقوا الرئيس نجاد مؤخرا وسمع منه بشكل صريح اعترافا يقول فيه إن هذه أصعب الأيام في حياته، يعني أيام المواجهات بعد الانتخابات والتشكيك في فوزه وانقسام الإيرانيين بشكل كبير حوله. نعم إنها أصعب الأيام في حياة النظام كله وأي حساب خاطئ من جانبه قد يكون كارثيا أكثر من كل ما رأيناه.

[email protected]