فلتكن إسرائيل بعد إيران

TT

إذا كان الاتفاق الإيراني مع دول الغرب حول الملف النووي الاسرائيلي أمراً حقيقياً، حيث يتم تخصيب اليورانيوم خارج إيران، وبالتالي يكون قد تم انتزاع فتيل أزمة كبيرة في منطقتنا، فإن الدور الآن يجب أن يكون على إسرائيل.

وكما أن الموقف من رفض إيران نووية كان ينبع من قناعة، ولها ما يبررها، بأن طهران نووية هي خطر على منطقتنا كلها، فإن إسرائيل النووية خطر على منطقتنا أيضا، ولا يمكن أن تكون هناك انتقائية نووية، خصوصا أن لدينا تاريخا طويلا يثبت أن إسرائيل لا تتوانى عن استخدام القوة، في كل أزمة، وتحت كل مبرر، وبشكل وحشي، وآخره ما تم في حرب غزة، وهذا ما يظهره تقرير غولدستون الذي نرى محاولات اليوم لطمسه.

في منطقتنا تهور، ومغامرة، وعدم اكتراث بالأرواح، والاستقرار، ومن قبل أبناء المنطقة، سواء حماس، أو حزب الله، أو غيرهم، هذا صحيح، ومتفق عليه، لكن انتقاد بني جلدتنا لا يعني تبرئة إسرائيل، وهذا ما يجب أن يعيه المجتمع الدولي، الذي يراقبه العرب اليوم بكل هدوء، واستغراب، فمصداقية المجتمع الدولي على المحك، والمفروض أن تكون المنطقة العربية خالية من جميع أشكال السلاح النووي، أو ما يؤدي إلى امتلاكه، وليس استثناء طرف على آخر.

هذا ليس تبريراً لإيران، بل العكس، فإيران الملالي خطر حقيقي على المنطقة، من حيث اللعب على الملف الطائفي، والتدخل في الشؤون العربية لبث الفرقة، لكن المراد قوله هو أن مصداقية المجتمع الدولي في خطر، فكما انتفض المجتمع الغربي ضد إيران عليه ألا يترك إسرائيل النووية.

وعندما نقول مصداقية الغرب فنحن نرى من وقت لآخر حملات تشن على كل من ينطق بكلمة على إسرائيل أو سياساتها بحجة معاداة السامية فلماذا لا يكون التعامل بالمثل مع الفلسطينيين أو العرب، فالعرب ساميون أيضا، فلماذا هذه الانتقائية الواضحة.

قد يكون هذا المنطق ليس بجديد على الغرب، لكن الجديد اليوم هو أن واشنطن ترمي بثقلها من أجل إتمام عملية السلام، والظهور بمظهر الوسيط النزيه، ونزع فتيل الأزمات لا يمكن أن تقوم به أميركا، أو الغرب بدون مصداقية، والخطر الحقيقي الذي يواجه الغرب اليوم هو أن مصداقيته قد باتت على المحك.

وكما أسلفنا فاليوم نشاهد محاولات وضغوطا تمارس من أجل إلغاء تقرير غولدستون أو تأجيله، والأمر سيان، وهذا موضوع خطر، فلا بد من تقديم ذلك التقرير للأمم المتحدة، حتى ولو أدان حماس وإسرائيل على حد سواء، فالوضع في منطقتنا وصل إلى درجة مؤسفة حيث رأينا كيف أن عشرين امرأة فلسطينية، وطفلا، يقايضون بشريط فيديو مع إسرائيل.

ولا بد من القول هنا انه لا يمكن التعويل على مصداقية إسرائيل، وحتى حماس، أو حزب الله، لكن الخطر الحقيقي أن مصداقية المجتمع الغربي هي التي تضرب، وهذا كل ما يحتاجه المتطرفون، ومن يرغبون إطالة أمد الصراع في هذه المنطقة.

[email protected]