لو حددت مصادر الإفتاء وعوقب المخالفون

TT

لو أن الدول الإسلامية اتخذت قرارا يحظر الإفتاء من دون ترخيص رسمي، ومعاقبة من يخالف ذلك بالسجن فإن أغلب الظن حدوث التالي:

ـ قيام القنوات التلفزيونية بتسريح الكثير من مصدري الفتاوى، وإغلاق «البازارات» الفضائية.

ـ ارتفاع معدلات البطالة بين المسترزقين بالفتوى.

ـ اضطرار إدارات السجون إلى إيجاد عنابر خاصة لهذا النوع من الموقوفين.

ـ وقف التدهور العقلي الذي تسببه بعض الفتاوى.

ـ محاصرة التطرف وتضييق الخناق على دعاة العنف.

ـ استعادة ثقة الناس بالفتوى لأنها ستصدر من أناس يمتلكون اشتراطات الإفتاء.

فشيوع الفتوى على هذا النحو الذي هي عليه الآن أمر في منتهى الخطورة، ففي ظل طوابير المفتين، وغياب الاتفاق على مواصفات المؤهل للفتوى يجعلني أحمل الكثير من التقدير لذلك النائب المصري المستقل مصطفى الجندي، الذي تقدم إلى برلمان بلاده بمشروع قانون يحظر الإفتاء من دون ترخيص رسمي، وتقول المادة المقترح استحداثها: «كل من أفتى فتوى في أمور دينية، عبر أي وسيلة من وسائل الإعلام سواء المسموعة أو المقروءة أو المرئية، بدون أن تكون له صفة رسمية كجهة اختصاص، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات».. فهذا الاقتراح يستشعر خطورة «بازار الفتاوى» الذي يتدفق على رأس المسلم عبر مختلف الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، ويختلط فيه الحابل بالنابل، ويشارك فيه علماء ومتعالمون، حتى غدا المسلم في حيرة من أمره من يتبع ومن يهجر، فالكل يدعي الحق بالفتوى!

هذا الاقتراح لو أخذت به الدول الإسلامية لأراحت واستراحت، فمن حق المسلم أن يعرف الثقات من الأدعياء في ساحة الفتوى بدلا من تركه أمام هذه المائدة المضطربة بكل أنواع الفتاوى، وفي الذاكرة فتوى إرضاع الكبير، الذي لم يزل صاحبها بعد عام من فصله يحاول ترقيع ما مزق، وإصلاح ما أفسد بتحميل الآخرين مسؤولية عدم فهمه، وكأنه لم يصله نبأ ذلك الزوج الجزائري، الذي اصطحب صديقه إلى البيت، آمرا زوجته أن ترضعه لكي يقضي الصديق الصيف ضيفا عليهما في المنزل، أما ما خفي من تأثير هذه الفتوى وأمثالها فقد يكون أمر وأعظم!

[email protected]