أول ضربة في الحرب التجارية

TT

في خلاف اقتصادي يقاس بمبالغ تصل إلى عدة مليارات من الدولارات وأرقام عن البطالة تصل إلى مئات الآلاف، تبدو المخاطر في الخلاف حول استيراد الإطارات المطاطية مع الصين صغيرة بشكل مدهش. لقد أوردت لجنة التجارة الدولية الحكومية في تقرير لها أن زيادة الصادرات الصينية من الإطارات ذات التكلفة المنخفضة كلفت العمال الأميركيين 5000 وظيفة، وبناء على ذلك التقرير وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما تعريفات جمركية تبدأ بنسبة 35 في المائة على الإطارات المصنوعة في الصين. وقد رفع القضية ضد تلك الواردات اتحاد عمال الحديد والصلب، وهو حليف سياسي مهم للرئيس وأعضاء الكونغرس الديمقراطيين، خصوصا هؤلاء الذين يسعى أوباما إلى بقائهم في الكونغرس لتمرير تشريعه المهم المتعلق بالرعاية الصحية.

ويخشى الكثيرون في مجال الأعمال أن تكون تلك جولة افتتاحية لما يمكنه أن يتحول إلى حرب تجارية أكبر وأخطر. وحتى الآن يهدد الصينيون باتخاذ رد فعل بسيط، وهو تخفيض حجم استيراد السيارات والدجاج من الولايات المتحدة، ولكن يملك كلا الطرفين الكثير في مواجهة الآخر، وأسلحة أكبر يمكنهما استغلالها.

وقد صرح أوباما أمام حضور من وول ستريت أنه لا يقصد السير في ذلك الاتجاه، وأشار إلى أن الصينيين وافقوا، في جزء من المفاوضات التي تسمح بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، على أنه في إمكان الولايات المتحدة تخفيض «الزيادات» في الواردات دون أن تثبت عليها ممارسات تجارية غير عادلة. والزيادة حقيقية، حيث بلغت واردات الإطارات في عدة أعوام قصيرة ثلاثة أضعاف، وقال أوباما إنه يطبق ببساطة القاعدة التي وافق عليها الصينيون. ولكن كما هو الحال في الخلافات التجارية، تحتوي القضية على مزيد من التعقيد، حيث تصنع معظم الإطارات التي ستتعرض للعقوبة في أربعة مصانع أميركية هناك، وقد وصل مصنعو الإطارات الأميركية إلى أعلى جودة في السوق. وعلى الأرجح أنه إذا تم منع الواردات الصينية ستحل محلها دول أجنبية أخرى تعطي أجورا زهيدة.

والسؤال الأكبر هو: ماذا يقول لنا هذا القرار عن منهج أوباما في التبادل التجاري؟ في أثناء الحملة الانتخابية كان يتعمد عدم الوضوح، حيث وعد بزيادة الصادرات، ولكنه في بعض الأحيان كان يصدق على إجراءات حمائية واضحة. ومنذ انتخابه لم نسمع شيئا عن وعده الديماغوغي بإعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية، ولكن إدارته لم تضغط من أجل التصرف في الاتفاقيات التجارية المعلقة التي خلفتها أعوام حكم جورج دبليو بوش.

وكان بيل كلينتون عاطفيا كذلك في البداية، ولكنه في النهاية أصبح مؤيدا قويا للتوسع في التجارة العالمية، ومن المحتمل أن تدفع القوة المؤثرة التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي أوباما في الاتجاه ذاته. ولكن يزداد تشكك حزبه في منافع التجارة، ومن المرجح أن يراوغ أوباما أكثر من اتباعه خط سير مستقيم. ويكمن الخطر في أنه بمجرد أن تسدد الضربة الأولى ضد منافسين أجانب لا يمكنك أن تعرف ماذا سيحدث بعد ذلك. وقد خاض أوباما في تلك المخاطرة، لذا علينا الدعاء.كان جودي باول، المتحدث باسم البيت الأبيض في عهد كارتر، من الشخصيات المرحة التي أسهمت كثيرا في وقف الجدال الذي أحاط بواشنطن. وقد وصل مع حاكم جورجيا السابق ليصبح أكثر شخص في إدارة كارتر يبذل جهودا حتى يكون جزءا من مجتمع العاصمة السياسي والصحافي، وكان السلاح الذي اختاره هو روح الدعابة، التي لم تغطِّ على انتماءاته الحزبية والشخصية القوية، ولكنها أتاحت له مصادقة الكثيرين الذين لم يتغلبوا مطلقا على شكوكهم بشأن رئيسه. واستحق باول، الصريح والحكيم والمبتهج، عن جدارة أن يصبح أشهر الشخصيات المحبوبة في هذه المدينة.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»