من السبعة إلى العشرين.. عالم جديد

TT

منذ أول اجتماع لها في فندق بلازا في نيويورك عام 1985 كانت مجموعة السبعة الكبار التي تضم أكبر 7 اقتصاديات في العالم (أميركا واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وايطاليا) بمثابة مجلس الأمن الاقتصادي غير الرسمي للعالم، وتوسعت قممها في السنوات اللاحقة لتشمل مباحثاتها قضايا سياسية في العالم، ثم أضافت القمم عضوا جديدا في السنوات الأخيرة لتصبح مجموعة الثماني بدخول روسيا إليها اعترافا بالتغير الذي حدث في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي السابق ووراثة روسيا له، وانفتاحها على العالم.

الآن يبدو العالم على أعتاب مرحلة جديدة تتشكل فيها خريطة اقتصادية وسياسية جديدة لعلاقاته وتوازناته الدولية مع الإعلان عن أن مجموعة العشرين التي تضم، إضافة إلى السبعة الكبار التقليديين، دولا توصف بأنها ناشئة أصبحت مهمة على الخريطة الاقتصادية العالمية ستصبح المنبر الرسمي لتنسيق السياسات الاقتصادية في العالم. وكما نشأت مجموعة العشرين في عام 1999 في غبار أزمة الأسواق الآسيوية وقتها عندما احتاجت الدول السبع الكبرى إلى تعاون القوى الناشئة اقتصاديا، فإن ترسيخ «العشرين» التي عقدت أول اجتماع لها على مستوى القمة العام الماضي يأتي أيضا وسط غبار أزمة أخرى أعتى ضرب إعصارها العالم في الربع الأخير من العام الماضي، وأصبح الدور الذي تلعبه اقتصاديات الدول الناشئة حيويا في إنقاذ العالم من الركود.

وفي اجتماعات إسطنبول المالية العالمية التي اختتمت الأحد كانت مظاهر نقل السلطة واضحة من خلال الإعلان عن أنها ستتوقف مستقبلا عن عقد اجتماعات وإصدار بيانات رسمية خاصة، وإن كان يمكن أن تعقد مشاورات غير رسمية إذا دعت الحاجة، وذلك بعد أسابيع قليلة من قمة العشرين التي عقدت في بترسبورغ في أميركا والتي ورثت وضعية مجلس الأمن الاقتصادي للعالم. وسينعكس ذلك مستقبلا من خلال التنازل عن حصة 5% من القوة التصويتية للدول الصناعية التقليدية في الصندوق الدولي، المؤسسة المالية الأولى في العالم.

خريطة عالمية جديدة تتشكل كما هو واضح.. ويقودها الاقتصاد بحكم أنه أكثر واقعية ويعتمد على الحقائق أكثر من الخيالات والشعارات.. فعلى الجانب الآخر السياسي تبدو المهمة أصعب في جعل المؤسسات الدولية تمثل الخريطة الحقيقية للعالم وقواه الناشئة عن طريق تعديل تشكيلة مجلس الأمن الدولي ليعكس تغير توازنات القوى العالمية، وتوسيع عضويته، بما في ذلك إعادة تنظيم حق «الفيتو» فيه الممنوح للقوى الخمس النووية الرسمية أي المعترف بها، وهي أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، وهؤلاء بينهم 3 فقط أعضاء مجموعة السبع.

وبينما تضم مجموعة العشرين القوى الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي أيضا قوى اقتصادية ضخمة، فإن قوة نووية واحدة، لكنها غير رسمية، دخلت النادي الجديد، وهي الهند، ليس بسبب قدراتها النووية، ولكن بحكم نمو اقتصادها وحجمه، وغالبية الأعضاء من الأرجنتين إلى تركيا والسعودية وإندونيسيا وجنوب أفريقيا ليسوا نوويين، ففي كثير من الأحيان حجم الاقتصاد يفوق في أهميته حجم القدرات العسكرية.