الملك عبد الله في سوريا

TT

في زيارة رسمية، طال الحديث عنها، وصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى دمشق بدعوة رسمية من الرئيس السوري بشار الأسد، وعندما نقول طال الحديث عنها، فلأنها زيارة تحظى بترقب عربي وغربي فاق ترقب الداخل السعودي والسوري لها، خصوصا أنها تأتي بعد توتر حقيقي في علاقات البلدين، وصل إلى تحديات صعبة، وجادة.

وعندما نقول صعبة وجادة فذلك أمر مبرر، وأبسط مثال على ذلك أنني سألت أحد الزملاء في الطائرة التي أقلتنا من جدة إلى دمشق إن كان قد زار سورية من قبل فقال: «كثيرا جدا». وعندما أبديت استغرابي قال: «زرتها ضمن الوفد المرافق للملك عبد الله منذ كان وليا للعهد، حيث كنا دائما ما نأتي ولو لساعات»، ولذا فعندما تنقطع الزيارة بين البلدين، وتحديدا عندما يغيب الملك عبد الله عن دمشق فإن لذلك دلالات مهمة.

فزيارات الملك عبد الله، والتي كانت معتادة وكثيرة لسوريا، تعتبر اليوم تاريخية، ومنعطفا مهما في علاقات البلدين والمنطقة، حيث إن منطقتنا وقضاياها أمام استحقاقات مهمة عربيا وإقليميا ودوليا، ولذا فإن الزيارة تحظى بترقب كبير، فهناك المسعى الحثيث حول عملية السلام، والسعوديون معنيون بذلك، وبالنسبة للسوريين فإنها تهمهم في عدة اتجاهات، أبرزها الوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل، وهو الأمر الذي قد يتطور مع تطور العلاقات السورية ـ الأميركية، كما أن المنطقة برمتها في حالة ترقب للتفاوض الغربي مع إيران حول ملفها النووي وما قد ينتج عن هذا التفاوض، الذي أيا كانت نتائجه، سلبا أو إيجابا، فسيكون لها انعكاسات كبرى على المنطقة، وهنا لا بد أن نتذكر أن جزءا من العرض الإيراني للغرب كان التفاوض على المنطقة وقضاياها.

كذلك نحن أمام ملف العلاقات السورية ـ العراقية، وخصوصا ما استجد فيها من خلاف وتهديد عراقي لسورية باللجوء إلى الأمم المتحدة بعد تفجيرات الأربعاء الدامي، وهو تهديد يأتي والعلاقات العراقية ـ العربية ليست في أحسن حال. يضاف إلى كل ذلك الملف الفلسطيني ـ الفلسطيني، وهو الأمر الذي تتولاه القاهرة التي علاقتها ليست على أفضل حال مع سوريا.

وبعد ذلك هناك الملف اللبناني، ولو راقبنا درجة حرارة بيروت الآن، وسكانها، لوجدناها في حالة غليان انتظارا لنتائج هذه الزيارة، وكنت أستغرب عندما أسأل اللبنانيين، إعلاميين أو أصدقاء، عن هذا الترقب الشديد، ولم أفهم إلا عندما انطلقت بنا السيارة خروجا من مطار دمشق متوجهة إلى الفندق، حيث كانت أول لوحة إرشادية واجهتنا في الشارع الرئيسي مكتوب عليها دمشق.. لبنان، وبعدها عبارة تقول مرحبا بكم في دمشق، حينها ابتسمت مدركا القلق اللبناني، خصوصا أن هناك مناطق، أو تفريعات في الطريق من المطار إلى وسط البلد تسبق الطريق المؤدي إلى لبنان!

كل تلك الملفات ليست بالسهلة، ومن الصعب تجاهل أي منها، ولذا فإن الزيارة مهمة، كما من الخطر رفع سقف التوقعات حولها، وما يجب أن نعيه هو أن زيارة العاهل السعودي لدمشق أشبه بالمطر، حيث لها كاره ومحب!

[email protected]