سيدنا موسى مصري واسمه وليد!

TT

على الرغم من كثرة المقالات التي كتبتها عن فرعون موسى وخروج بني إسرائيل من مصر وتفاصيل حياتهم في مصر من خلال الأدلة الأثرية.. وعلى الرغم من أن الكتب السماوية تناولته بشيء من التفصيل، بل يمكن القول إن قصة اليهود في مصر وخروجهم تحت لواء موسى «عليه السلام» كانت من أكثر القصص ذكرا في التوراة والقرآن الكريم..

وعلى الرغم من ذلك كله، فإن أسئلة كثيرة لا تزال تبحث عن إجابة، وللأسف لم تكشف لنا الآثار بعد عن أي دليل يمكن أن يفيدنا في هذا الموضوع. وهناك حقائق لا يمكن إغفالها في قصة خروج بني إسرائيل من مصر، وهي أن وجودهم في مصر مؤكد بالدليل الأثري منذ عصر الدولة الحديثة، وقد تكون بداية دخولهم إلى مصر عن طريق جماعات جاءت مع من عرف بـ«الهكسوس» واستوطنوا في شرق الدلتا، واستمر وجودهم بعد طرد الهكسوس من مصر وبداية الأسرة الثامنة عشرة الفرعونية.

أما الاسم «موسى» فهو من دون شك مصري خالص ويعني «الوليد»، وربما يكون هو الاسم الذي أطلقته عليه زوجة فرعون لحظة العثور عليه. وهناك من يرى أن اسم موسى يعني «ابن الماء» أو «وليد الماء» على أساس أن «مو» تعني «ماء» و«سى» قد تعني «وليد» أو «ابن».

أما الحقيقة الثالثة في موضوع الخروج، فهي أن القرآن الكريم يذكر الملك الذي تربى في قصره موسى وتمت في عهده تفاصيل قصة الخروج بلقب «فرعون»، وهو ما يتفق مع الأدلة الأثرية، حيث إن من يحكم مصر في عصر الدولة الحديثة كان يطلق عليه اسم «فرعون»، وليس «ملك» مثلما كان الحال قبل هذا العصر.

أما الأسئلة التي لا نجد لها إجابة قاطعة إلى الآن فهى: من هو فرعون الخروج؟

وهل كان الفرعون الذي تربى في قصره موسى هو نفسه فرعون الخروج؟ فبينما تذكر التوراة فرعونين، أحدهما عذب ومثل ببني إسرائيل، وآخر تم في عصره الخروج، نجد القرآن الكريم يشير إلى فرعون واحد، أو هكذا يفهم مما ورد في القرآن الكريم على لسان فرعون: «قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ». الشعراء18.

غير أن هذه الآية الكريمة قد تعني أيضا وجود فرعون آخر هو الذي ربى وهو الذي قضى في عهده موسى سنين من عمره، وليس بالضرورة أن الفرعون الذي قال هذه الكلمات هو نفسه الذي ربى وعاصر موسى..! أمر آخر لا يزال يحير علماء الآثار، وهو الأماكن التي مر بها بنو إسرائيل أثناء خروجهم من مصر، وكذلك الأماكن التي عاشوا فيها أثناء التيه والذي نعرف أنه استمر لما يقرب من أربعين سنة. وقد رشحت سيناء كأرض التيه بالنسبة لبني إسرائيل. وذكرت التوراة أسماء لأماكن عديدة، للأسف الحفائر التي تمت في سيناء سواء على يد علماء يهود أثناء احتلال إسرائيل لسيناء، أو على يد علماء مصريين بعد انتهاء الاحتلال، لم تكشف هذه الحفائر عن أي مما يشير إلى وجود بني إسرائيل في سيناء. بل الغريب أن هناك من يتحدث عن أن القصة برمتها لم تحدث في سيناء وإنما في مكان آخر غير مصر، ورشحت بلاد اليمن وأسماء أماكن هناك، وذلك أيضا من دون أي دليل أثري يدعمها.

وأخيرا وليس آخرا.. فمن وقت لآخر يأتي الحديث عن قبر سيدنا موسى «عليه السلام» وملابسات وفاته. والمدهش أن القرآن الكريم لم يذكر أي شيء يتعلق بنهاية حياة نبي الله موسى ووفاته ومكان قبره. وفي ذلك حكمة يعلمها المولى عز وجل. وقيل إن ذلك جاء لكي لا يتخذ اليهود هذا القبر مصلى ويعبدون موسى بعد موته، وهم من اعتادوا على مخالفة أوامر المولى عز وجل والخروج على طاعته. وللحديث بقية بإذن الله...