وكالة بلا بوّاب

TT

يوما بعد يوم يثبت الصينيون أنهم شطّار في التجارة، فهم يعرفون أمزجة كل مجتمع، وقضايا اهتماماته، واحتياجاته، ولا أستبعد أنهم اطلعوا على الإحصائية التي تشير إلى أن ما يوازي أكثر من 140 مليون ريال كان حجم الإنفاق في سوق المنشطات الجنسية في دول الخليج وحدها خلال عام واحد فقط، وأن أشقاءهم العرب لم يرتضوا أن يتفرد إخوانهم في الخليج وحدهم بالأفراح والليالي الملاح، فباعوا الجمل بما حمل وأقبلوا هم أيضا على الحبة الزرقاء والحمراء والصفراء، ولم يقبل الصينيون البقاء على مقاعد المتفرجين في هذه السوق الكبرى، فأغرقوا الأسواق العربية التحتية أو السرية بكل ما يطلبه الزبون في هذا المجال من منشطات، ومثيرات، وغيرها، ولا أحد يعرف على وجه اليقين مكونات تلك الأنواع، ومدى سلامتها، ونتائج اختبارها، ومع هذ تجد من يغامر بتناولها، وينتشي بمتابعة أخبارها وتطوراتها، بل ولعب دور فأر التجارب المعملية في تجريبها، على أمل أن تصلح الحبة الرعناء ما أفسدته الليالي الخضراء في إعادة الشيخ إلى صباه.

ولما كانت الأسواق العربية «وكالة بلا بوّاب»، فلقد كان التحقيق الذي أجرته الصحافية فادية عبود بعنوان «حين يصبح شرف البنت مطاطا» صادما ومقلقا للكثيرين، وهي تتحدث عن منتج صيني يمثل بديلا مزورا لغشاء البكارة، وجد طريقه إلى بعض أسواقنا العربية، ويباع من تحت الطاولة بسعر 15 دولارا فقط، حيث أثار ذلك المنتج غضب علماء الدين، وقلق الأطباء لخطورته من الناحيتين الأخلاقية والصحية، ودفعهم استشعار الخطورة إلى المطالبة بتطبيق أقصى العقوبات على مهربيه، والتعامل معهم بالأسلوب الذي يتم فيه التعامل مع مهربي المخدرات.

وفي هذا الزمن الذي اصطدمت فيه الفضائل بأحابيل الرذائل، وسخرت فيه بعض جوانب العلم في غير غاياتها النبيلة، يغدو الركون إلى تعميق التربية الأخلاقية، بكل ما تحمله من أهداف ترسيخ القيم والفضائل والمثل، الملاذ الأكثر أمنا للعيش في عالم ينطبق عليه القول: «الليل داج والكباش تنطح، ومن نجا برأسه فقد نجح».

[email protected]